سلَّمت إسرائيل الولايات المتحدة وثيقة تتضمن عرضاً تفصيلياً للترتيبات الأمنية المطلوبة في أي حل دائم مستقبلي مع السلطة الفلسطينية. وقد قامت شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي، بتوجيه من رئيس الحكومة، بإعداد وثيقة الترتيبات الأمنية، كما أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية عقد نقاشين بشأنها. إن إسرائيل معنية بأن تتبنى الإدارة الأميركية الحالية الترتيبات الأمنية الإسرائيلية بالنسبة إلى أي حل دائم مستقبلي، وبذلك تقر الإدارة موضوع الترتيبات الأمنية بحيث تصبح هذه الأخيرة مطلباً متفقاً عليه، وجرت الموافقة عليه من جانب الوسيط الأميركي.
وكان رئيس الحكومة إيهود أولمرت أثار هذا الموضوع في المحادثات التي عقدها مع المرشحَيْن للرئاسة الأميركية جون ماكين وباراك أوباما في أثناء زيارتهما لإسرائيل. وأعرب كلاهما عن موافقته على أن تتبنى الإدارة [الحالية] صيغة تطلبها إسرائيل للترتيبات الأمنية، وبذلك يتم حل واحدة من المشكلات التي تواجههما قبيل تولي منصب الرئاسة.
من جهة أخرى، تعتقد جهات سياسية مطلعة على الضغوط التي تواجه الأميركيين أنه سيكون من الصعب على الإدارة الأميركية تبني الصيغة الإسرائيلية بصورة كاملة، لأن الأمر يتعلق بمطالب بعضها موضع خلاف، كما أن الجانب الفلسطيني لن يوافق عليه.
وتتضمن المطالب الإسرائيلية، من جملة ما تتضمنه، ما يلي:
1ـ أن تكون الدولة الفلسطينية مجردة من السلاح بصورة تامة، بلا أسلحة ثقيلة، أو مدرعات، أو مدافع، أو صواريخ، أو طائرات.
2ـ منع إقامة أحلاف عسكرية بين الدولة الفلسطينية ودول أخرى.
3ـ إقامة محطات إنذار إسرائيلية على قمم الهضاب [المقصود سلسلة جبال الضفة الغربية المطلة على غور الأردنٍ].
4ـ وجود الجيش الإسرائيلي على طول نهر الأردن.
5ـ وجود إسرائيلي على المعابر الحدودية.
6ـ استمرار السيطرة الإسرائيلية على المجال الجوي.
7ـ تمتع إسرائيل بحرية الوصول إلى محاور طرق في عمق يهودا والسامرة [الضفة الغربية].
ولا يزال رئيس الحكومة إيهود أولمرت معنياً بالتوصل إلى اتفاق مع [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس يرسي الأسس للحل المقترح للنزاع في قضيتين من القضايا الأساسية الثلاث: القضية الإقليمية [The Territorial Issue] وقضية اللاجئين. أما فيما يتعلق بقضية القدس، فستتضمن الوثيقة بنداً ينص على إنشاء آلية مشتركة تعمل على إيجاد حل تبعاً لجدول زمني منفصل. وقد سبق أن نشرت صحيفة "معاريف" كلاً من الموقفين الإسرائيلي والفلسطيني [من قضايا الحل النهائي]، كما نشرت صحيفة "هآرتس" مزيداً من التفصيلات خلال الأسبوع الفائت*.
في المقابل، تأمل الإدارة الأميركية بأن يضع الرئيس بوش "وثيقة لجَسر الفجوات" بين مواقف الطرفين يتبناها الرئيس المقبل أيضاً وتصبح إرثاً لبوش وكوندوليزا رايس، وصيغة للحل المستقبلي، أي ما هو بمثابة تحسين لـ "اقتراح كلينتون". وستُقدَّم الوثيقة خلال الفترة الانتقالية بين الإدارتين، بعد الانتخابات في تشرين الثاني/ نوفمبر، بموافقة الطاقم الانتقالي للرئيس الجديد بغية أن يكون هناك استمرارية على مستوى السلطة، وكي تشكل أساساً للمفاوضات خلال العام المقبل.
_________________
(*) أنظر التفصيلات المشار إليها في "مقتطفات من الصحف العبرية"، العدد 510،
12/8/2008، والعدد 512، 14/8/2008.
ولهذه الغاية طلبت كوندوليزا رايس الحصول على خلاصة مواقف الطرفين حتى الآن خلال زيارتها المقبلة (والتي ستتم على ما يبدو خلال الأسبوع الجاري أو الأسبوع المقبل). ويجب الإشارة إلى أن الرئيس بوش لم يقرر نهائياً بعد ما إذا كان سيلجأ إلى وضع وثيقة رئاسية لجَسر الفجوات، وما إذا كان سيتجاهل الضغوط الإسرائيلية وضغوط اللوبي اليهودي ويستجيب لمناشدات رايس بهذا الصدد.