اتفاق تبادل الأسرى بين إسرائيل و"حماس": من فشل تكتيكي إلى تحدي استراتيجي
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال

 

  • قبل كل شيء ومن أجل الدقة يجب تسمية "صفقة شاليط" "صفقة نتنياهو" أو صفقة "حكومة نتنياهو"، وذلك للأسباب التالية: أولاً، لقد وقعت الصفقة حكومة يمينية تضم وزراء يعدون صقوراً في السياسية الإسرائيلية، مثل أفيغدور ليبرمان، وموشيه (بوغي) يعلون، وبنيامين بيغن الذي صوت مع الصفقة، بالإضافة إلى آخرين. ومن المعلوم أن الوزراء الذين صوتوا ضد الصفقة لم يستقيلوا من الحكومة احتجاجاً على إقرارها، وهم بالتالي يتحملون المسؤولية الكاملة المترتبة عليها، وليس في استطاعتهم مستقبلاً التهرب من هذه المسؤولية وإلقائها على عاتق رئيس الحكومة.
  • ثانياً، من الضروري أن نذكر بالمسؤولية الحصرية لحكومة نتنياهو عن الصفقة، كي نبعد كل المحاولات التي بدأت منذ الآن لتحميل عائلة شاليط، مستقبلاً، النتائج السلبية لاتفاق إطلاق سراح ابنهم.
  • إن مشاعر الفرح الغامر وأجواء الابتهاج والإحساس بالتضامن الوطني التي عمت أوساط واسعة من الإسرائيليين، والتي تعالت فوق الخلافات السياسية، لا تستطيع أن تحجب الإحساس بأن الاتفاق مع "حماس" لا يشكل إنجازاً كبيراً بالنسبة إلى إسرائيل، وأن الثمن كان باهظاً للغاية. كذلك لا يمكن التقليل من الأضرار التي تسبب بها هذا الاتفاق على المستوى الرمزي، وليس فقط على المستوى الأمني. لقد اضطرت إسرائيل إلى دفع ثمن فشلها في منع خطف الجندي وفي إنقاذه، كذلك دفعت ثمن الأوضاع التي تمت فيها المفاوضات مع تنظيم ميليشياوي نجح في إبقاء الأسير وسط تجمع سكاني كثيف في منطقة معادية.
  • إن الخطر الأساسي لهذا الاتفاق لا يكمن في الضرر الذي يمكن أن يلحق بقدرة الردع الإسرائيلية، أو في تزايد احتمال تعرض الإسرائيليين لهجمات في المستقبل، وإنما في الدروس التي دخلت إلى الوعي الفلسطيني نتيجة الطريقة التي تم عبرها التوصل إلى الاتفاق، ونتيجة نقاط ضعف هذا الاتفاق وثمنه الباهظ. من هنا، فإن الخطر الأساسي سيكون في تركيز المنظمات الإرهابية الفلسطينية، وغيرها، مساعيها من أجل خطف إسرائيليين آخرين سواء أكانوا عسكريين أم مدنيين.
  • إن الآمال التي يعقدها إسرائيليون كثر بشأن التوصل إلى تحديد موقف حكومي صارم، أو سن قانون في الكنيست لوضع خطوط حمر لا تستطيع الحكومات الإسرائيلية مستقبلاً تجاوزها في صفقات تبادل أسرى إسرائيليين، قد لا تتحقق. فالدرس الأساسي الذي يمكن استخلاصه من سلوك حكومة الصقور بزعامة نتنياهو، المعروف بمواقفه المبدئية من هذا الموضوع، هو أنه عندما تنعدم الفرص ولا يوجد خيار آخر غير المفاوضات، فإن الخطوط الحمر لن تصمد وقتاً طويلاً في المجتمع الإسرائيلي، إلاّ في حال غيّر هذا المجتمع طابعه وقيمه.
  • إن إسرائيل تحتاج إلى كل قدراتها الشجاعة والخلاقة من أجل إيجاد الرد المطلوب على التحدي الذي قد تواجهه مرة أخرى في مستقبل قد لا يكون بعيداً.