· إن قيام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتبني تقرير "لجنة غولدستون" [لجنة الأمم المتحدة التي تقصت وقائع عملية "الرصاص المسبوك" العسكرية الإسرائيلية في غزة في أواخر سنة 2008]، جعل الحكومة الإسرائيلية تواجه وضعاً عويصاً لا يستهان به مطلقاً.
· ففي حال رفضها إقامة لجنة تحقيق خاصة لتقصي وقائع العملية العسكرية في غزة، فإن ذلك سيؤدي إلى تشويش علاقاتها ببعض دول العالم. كما أن هناك احتمالاً قوياً في أن تقوم نقابات مهنية وشركات عالمية بمقاطعة إسرائيل وإلحاق الضرر باقتصادها.
· وفي حال موافقتها على إقامة لجنة تحقيق خاصة، فإنها ستبدو كما لو أنها "خِرقة"، إذ لا يوجد دولة في العالم على استعداد لإجراء تحقيق من هذا القبيل تحت وطأة ضغوط من الخارج. علاوة على ذلك، فإن إقامة لجنة تحقيق هي أمر ينطوي على تداعيات خطرة تتعلق بالجيش الإسرائيلي نفسه، وبالعمليات العسكرية التي سيقوم بها في المستقبل.
· في واقع الأمر، فإنه من أجل الإقدام على حسم أوضاع كهذه، قمنا بانتخاب رئيس حكومة. ويبدو أن رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالية، بنيامين نتنياهو، ما زال متخبطاً، فهو يدرك أنه لا بُد من إقامة لجنة تحقيق من أجل إرضاء الرأي العام العالمي، لكنه في الوقت نفسه غير متحمس لهذا الأمر، ولا للدخول في مواجهة مع [وزير الدفاع الإسرائيلي] إيهود باراك و[رئيس هيئة الأركان العامة] غابي أشكنازي، اللذين يعارضان إقامتها. ولذا، فإن جلّ جهود نتنياهو موجهة الآن في مسار حذف تقرير "لجنة غولدستون" من جدول الأعمال العام.
ويتساءل إسرائيليون كثيرون عما يريده نتنياهو فعلاً، فيما يتعلق بتقرير "لجنة غولدستون" وموضوعات أخرى. إن الجواب عن هذا التساؤل هو: لا يمكن معرفة ما الذي يريده نتنياهو، وذلك ليس لأنه يخفي آراءه، وإنما لأنه هو نفسه لا يعرف ما الذي يريده.