· إن التحالف الإيراني - السوري يأخذ في اعتباره كلاً من العمليات التالية: انسحاب القوات الأميركية من العراق؛ تعاظم قوة المملكة السعودية بعد توقيعها صفقة شراء أسلحة بقيمة 60 مليار دولار؛ انطلاق المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين باعتبارها تطورات تستلزم ردة فعل عملية. فضلاً عن ذلك، فإن الإيرانيين مقتنعون بأن شنّ هجوم عسكري أميركي ـ إسرائيلي عليهم هو أمر حتمي.
· إزاء ذلك لا بُد من القول إن الخطر الماثل أمام إسرائيل في الشمال ينطوي على دلالات لم تشهدها في الماضي. فمثلاً، إذا كان المواطن الإسرائيلي العادي متأكداً حتى الآن من أن القدس ستبقى خارج مجال إطلاق الصواريخ بسبب الأماكن المقدسة القائمة فيها، ذلك بأن السوريين أو الإيرانيين لن يقدما على التعرض للحرم القدسي الشريف أو لكنيسة القيامة أو إلى أي مكان مقدّس آخر للمسيحيين والمسلمين، فضلاً عن أنهما لن يكونا راغبين في التعرض للسكان العرب في القدس الشرقية، فإن هذه الفرضية لم تعد قائمة في ظل الواقع الحالي. وإذا كانت الصورة العامة للقدس، في الوعي الإسرائيلي الشعبي، هي أنها ملاذ يمكن الاحتماء به في حال إطلاق الصواريخ على منطقة تل أبيب، فإن هذه الصورة اختفت نهائياً.
· ولا شك في أن تزوّد حزب الله بسلاح صاروخي بعيد المدى وأكثر دقة، على غرار صواريخ M-600، يجعل القدس الغربية هدفاً مغرياً لهذا الحزب، ذلك بأنها تضم أبرز الرموز القومية الإسرائيلية مثل الكنيست ووزارات الحكومة والمحكمة العليا وغيرها.
· بناء على ذلك، فإن قيادة الجبهة الإسرائيلية بدأت، في الآونة الأخيرة، تتعامل مع احتمال تعرض القدس لقصف الصواريخ باعتباره خطراً حقيقياً، والحديث عن ذلك يجري الآن بصوت عال خلال الاجتماعات التحضيرية التي تعقد لرؤساء السلطات المحلية في منطقة القدس. وبالتالي، إذا كان [الأمين العام لحزب الله] السيد حسن نصر الله يتحدث عن قصف متبادل، فإن احتمال أن يتم نصب منظومة "القبة الحديدية" [المضادة للصواريخ] في محيط عاصمة إسرائيل، هو احتمال كبير للغاية.
· في الوقت نفسه، فإن الصواريخ في غزة أصبحت ذات مدى يبلغ 80 كيلومتراً في عمق الأراضي الإسرائيلية، ولن يكون مفاجئاً أن يبلغ مداها، في غضون عام واحد أو عامين، 100 كيلومتر.
إن الاستنتاج العسكري المطلوب من هذه التطورات هو أن الحرب المقبلة ربما تضطر الجيش الإسرائيلي إلى توجيه ضربات عسكرية استهلالية رادعة إلى كل من سورية ولبنان وغزة. أمّا الاستنتاج السياسي فهو أن التسوية مع السلطة الفلسطينية لا تُعتبر حلاً لإزالة التوتر في المنطقة، بل إنها في أحسن الحالات، وفي حال التوصل إليها، ربما تكون بمثابة محطة مهمة في طريق التوصل إلى تسوية إقليمية.