لست متأكداً من أن نتنياهو مستعد لأي اتفاق مع الفلسطينيين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       عندما بدأتُ الانخراط في عملية أوسلو كان الهدف الماثل أمامي هو التغلب على العقبات التي اعترضت مفاوضات واشنطن بين إسرائيل والوفد الأردني ـ الفلسطيني، ومحاولة التوصل إلى اتفاق يتعلق بمبادئ تسوية مرحلية على طريق التوصل إلى حل نهائي في غضون خمسة أعوام. وكنت، خلال تلك المفاوضات، قد اقترحت على [رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق] يتسحاق رابين، أن نقوم باستغلال الفرصة الإيجابية السانحة، فنحاول بدء مفاوضات بشأن الحل النهائي، إلا إنه رفض ذلك قائلاً إنه في حال فشل مفاوضات كهذه، فإن الحديث عن اتفاق مرحلي لن يكون ممكناً.

·       بعد توقيع اتفاق أوسلو مباشرة بدأت مفاوضات مع محمود عباس للتوصل إلى ورقة مبادئ تتعلق باتفاق السلام، وقد انتهت هذه المفاوضات بعد عامين، غير أن شمعون بيرس، رئيس الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت، رفض قبول هذه الورقة. أمّا بنيامين نتنياهو فبذل [خلال ولايته السابقة في رئاسة الحكومة الإسرائيلية خلال الفترة 1996- 1999] كل ما في وسعه كي يتجنب لحظة الحسم المتعلقة بالحل النهائي. ومع أن إيهود باراك، الذي انتُخب رئيساً للحكومة سنة 1999، سعى للتوصل إلى حل نهائي، إلا إنه رفض الاقتراح الأميركي الداعي إلى طرح ما سمي "وثيقة بيلين ـ أبو مازن" على طاولة المفاوضات في كامب ديفيد [سنة 2000]. وقد فشلت هذه المفاوضات لأن الجانبين [الإسرائيلي والفلسطيني] لم يبذلا جهداً كافياً للتوصل إلى حل نهائي.

·       في إثر إخفاق مفاوضات الحل النهائي في كامب ديفيد اقترحتُ على ياسر عبد ربه، الذي كان يشغل في حينه منصب وزير الإعلام الفلسطيني، فتح قناة مفاوضات غير رسمية تهدف إلى إعداد اقتراح مفصل يتعلق بالحل النهائي، ويكون برهاناً للشعبين على أنه يمكن التوصل إلى حلول للمشكلات كلها التي تعتبر موضع خلاف حاد. وقد تحقق ذلك بواسطة "مبادرة جنيف" التي وقّعت قبل سبعة أعوام.

·       في ذلك الوقت [سنة 2003]، قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية أريئيل شارون أن ينسحب من غزة بصورة أحادية الجانب. ومع أن هذا الانسحاب يتعارض كلياً مع روحية مبادرة جنيف، إلا إنني أيدته لأنني فهمت أن هذا أقصى ما يمكن أن يكون شارون مستعداً له، وأن من الأفضل الانسحاب من غزة مع شارون على أن ننتظر رئيس حكومة آخر. ولو استمر إيهود أولمرت في الطريق الأحادية الجانب نفسها لكنتُ أيدته أيضاً، لكنه جرّب عملية أوسع كانت بعيدة جداً عن التفاهمات التي توصلنا إليها في مبادرة جنيف، والتي لم تحظ بحماسة فلسطينية.

وللأسف فإن نتنياهو انتُخب مرة أخرى رئيساً للحكومة. وهو ما زال بعيداً جداً من اتفاق سلام وفقاً لمبادئ خطة كلينتون أو مبادرة جنيف، كما أنني لست متأكداً من كونه مستعداً لاتفاق مرحلي. ومع ذلك، فإن اتفاقاً كهذا يبدو لي عملياً أكثر من أي مفاوضات عبثية تتعلق بالأمن والبيئة والمياه والطابع اليهودي لدولة إسرائيل، ولذا، فإنني أقترح أن نجرب الحلول الجزئية. ولو كان الأمر مرهوناً بي لكنت فضلت التوصل إلى اتفاق سلام شامل الآن، لكن بما أن الأمر ليس كذلك، فإنه من الأفضل القيام بأقصى ما يمكن في الوقت الحالي، وعدم انتظار رئيس حكومة آخر قد يكون مستعداً لدفع ثمن السلام.