· انتشرت قبل شهر شائعة جديدة في واشنطن تقول إن إسرائيل لا ترغب في سقوط الأسد. وادعى منتقدو إسرائيل أنها السبب في عدم ضغط إدارة أوباما على سورية بالطريقة التي ضغطت فيها على ليبيا.
· وفعلاً، حاذرت إسرائيل التعبير عن رأيها بشأن كل ما له علاقة بالانتفاضة السورية، معتبرة أن هذا شأن داخلي سوري. من ناحية أخرى، رأى الأكاديميون والموظفون الإسرائيليون السابقون في مقابلاتهم مع وسائل الإعلام بصفتهم الفردية أن من الأفضل لإسرائيل العيش مع "شيطان تعرفه" على العيش مع نظام جديد مجهول.
· وكان التبرير الآخر الذي أعطي لهذه السياسة الإسرائيلية أن إسرائيل تنتظر مواقف الغرب السياسية. ففي افتتاحية صحيفة "هآرتس" في 10 حزيران/ يونيو [راجع نص الافتتاحية في عدد النشرة رقم 1189، تاريخ
10/6/2011] عددت الصحيفة الأسباب السياسية التي تجعل الغرب يفضل بشار الأسد على الرغم من المذابح التي يرتكبها في حق المدنيين. فكتبت: "تعتبر سورية الدولة القادرة على كبح حزب الله وتحديد حجم التدخل الإيراني في لبنان ومساعدة الولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب في العراق. وهذه الاعتبارات هي شديدة الأهمية بالنسبة إلى الغرب الذي ما زال ينتظر قيام الأسد بإصلاحات مهمة من دون أن يضطر إلى التخلي عن منصبه". وفي رأي الصحيفة، فإنه لا يجوز لإسرائيل "انتهاج سياسة تختلف عن السياسة التي تنتهجها حالياً الدول الغربية".
· ما هي المصلحة الإسرائيلية فيما يتعلق بما يحدث في سورية؟ علينا ألاّ نخطىء في الحكم على نظام الأسد، فهو كان على الدوام عدواً لإسرائيل. وقد ضُبط الأسد متلبساً بتطوير سلاح نووي هدفه الوحيد تهديد إسرائيل [المقصود المنشأة السورية النووية في دير الزور التي، بحسب وكالات الأنباء الأجنبية، دمرها سلاح الجو الإسرائيلي]. وتشتمل ترسانة السلاح السورية على مئات الصواريخ من طراز سكود، قسم كبير منها مزود برؤوس حربية كيماوية. والأسد هو الحليف الاستراتيجي لإيران، وهو يدعم حزب الله و"حماس" ويحميهما، ناهيك عن أن أغلبية الصواريخ التي لدى حزب الله جرى تصنيعها في سورية.
· يشير الذين يفضلون بقاء الأسد في الحكم إلى أنه لم يفتح جبهة في الجولان لأنه يدرك مدى قوة الردع الإسرائيلي، وهم يتخوفون من ألاّ يدرك الذين سيأتون من بعده ذلك، وخصوصاً إذا جاؤوا من مجموعات إسلامية راديكالية.
· لكن على الرغم من هذه الادعاءات، من المهم أن نفهم كيف يمكن أن يؤدي سقوط نظام الأسد إلى تغيير المشهد الاستراتيجي في الشرق الأوسط. ففي حال حدوث ذلك، ستخسر إيران أهم حليف استراتيجي لها في العالم العربي، إذ إن معظم شحنات السلاح تصل إلى حزب الله في طائرات شحن إيرانية تهبط في مطار دمشق، ومن هناك يُنقل السلاح بواسطة الشاحنات إلى لبنان. إن هذا الخط لتهريب السلاح سيتوقف، الأمر الذي سيؤدي إلى عزل حزب الله وإضعافه بصورة كبيرة.
· بعد حرب لبنان الثانية، كان هناك عدد كبير من السوريين معجب بحزب الله وبالمواجهة التي خاضها ضد إسرائيل، لكن في حال سقوط الأسد من المتوقع بروز موجة قوية من الغضب وسط السوريين ضد حزب الله وإيران لمساعدتهما الرئيس السوري في قمع شعبه، وفي الواقع سيضعف سقوطه كل التابعين لإيران. ثمة احتمال في المدى القصير أن يشعر الأسد بأنه محشور في الزاوية، وأن يحاول تصعيد النزاع كمخرج أخير، ومن هنا يتعين على إسرائيل أن تراقب بشدة ما يجري وأن تدرس ما إذا كان السوريون يخططون لتسخين الحدود الشمالية.
· هناك إجماع على ضرورة عدم تدخل إسرائيل في الشؤون الداخلية السورية، لكنها لا تستطيع أن تتجاهل حمام الدماء هناك. ليس مطلوباً من إسرائيل أن تعلن أنها تنتظر سقوط نظام الأسد، لكن من المهم أن يعرف الغرب أنه ليس من مصلحتها أيضاً بقاء النظام الحالي في سورية. وفي حال أرادت إسرائيل يوماً ما إقامة علاقات مع الشعب السوري عليها أن توضح له أنها ليست السبب في بقاء الأسد في الحكم وقتاً طويلاً خلال الأزمة الحالية.