موافقة "الحزب" على نشر الجيش وعدم التنسيق مع دمشق انقلاب سياسي للسنيورة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       إن فؤاد السنيورة خبير وذو حنكة كبيرة في إدارة المفاوضات المتعلقة بالأعمال والمفاوضات السياسية. لقد عرف رئيس الحكومة اللبناني أن اقتراحه نشر الجيش اللبناني في جنوب الدولة إنما هو اقتراح أولي يستوجب مزيداً من الصياغة والتكييف حتى يصبح اقتراحاً عملياً. من هنا فإن الخشية من انهيار العملية السياسية سابقة لأوانها، لأن الجديد في اقتراحه لا يكمن فقط في الانقلاب الذي أحدثه في لبنان، وإنما في موافقة حزب الله، أول مرة، على نشر الجيش فعلياً في "منطقته".

·       لقد انتزع السنيورة باقتراحه الخلاف من الساحة اللبنانية وحتى من الساحة العربية، التي لا يعوّل السنيورة عليها، ونقله إلى الصعيد الدولي. وهكذا، ومن وضع كان فيه مشروع القرار الأميركي – الفرنسي البضاعة الوحيدة في السوق، نجح السنيورة في دق إسفين بين فرنسا (وربما روسيا) من جهة وبين واشنطن من جهة أخرى. إن هاتين الدولتين منقسمتان في مواقفهما من اقتراح السنيورة، والمفاوضات الآن تدور بين دولتين تتمتع كل منهما بحق النقض في مجلس الأمن. ونتيجة ذلك أنه في حين كان موقف لبنان، قبل اقتراحه، ليس بذي أهمية، وكان موقف إسرائيل فقط يحدد فعلياً شكل الاقتراح الأميركي – الفرنسي، لم يعد الآن بإمكان أي طرف تجاهل الموقف اللبناني، كونه يحظى بالتأييد من قبل فرنسا وروسيا. ولأول مرة، ينجح لبنان في طرح موقف مستقل غير مرتهن بموافقة سورية. وهنا كمن الإغراء الآخر في اقتراح السنيورة، بالنسبة لمن يتطلع إلى رؤية لبنان دولة مستقلة لم تعد بحاجة للتنسيق مع دمشق.

·       غير أن على السنيورة الآن الانتقال من مرحلة الاقتراح النظري "المثير للاهتمام" إلى مرحلة التطبيق، التي تتطلب منه الحصول على تنازلات من حزب الله. صحيح أن "الحديث" المتلفز الذي أجراه نصر الله أمس مع المشاهدين يعطي صفة علنية لموافقته على نشر القوات، لكنه ليس بإمكانه أن يشكل بديلاً من الضمانات، ذلك لأنه من الواضح للجميع أن الجيش اللبناني ليس مؤهلاً للنزاع مع حزب الله. وحتى لو امتلك القوة العسكرية اللازمة، سوية مع القوات المتعددة الجنسية، فلن توافق حكومة السنيورة على أمر الجيش بمحاربة حزب الله، مخافة نشوب حرب أهلية جديدة.

·       لربما يكون باستطاعة السنيورة الاعتماد على التوافق السياسي الوطني في لبنان لتكبيل أيدي حزب الله، غير أن هذه الضمانة ليس في وسعها إقناع إسرائيل أو الولايات المتحدة. ولعله سيمكن إيجاد الحل عن طريق تحديد جدول زمني تدريجي على غرار الجدول الذي حدد في حينه في خريطة الطريق التي اقتُرحت على إسرائيل والفلسطينيين، حيث يشكل تنفيذ كل مرحلة خطوة لبناء الثقة على طريق الخطوة التالية. ويمكن لهذا أن يبدأ بوقف فوري لإطلاق النار، كما يريد لبنان وفرنسا، ونشر قوة متعددة الجنسية تباشر مرحلة الانسحاب الإسرائيلي، وانتشار الجيش اللبناني مع الانسحاب.