نتنياهو يعلم أن مهاجمة إيران باتت أمراً صعباً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

1-                       إنجاز أوباما: من اليوم الذي تسلم فيه باراك أوباما مهماته كرئيس للولايات المتحدة وضع في رأس أولوياته إحباط أي عملية عسكرية إسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية، ولهذا الغرض شُددت الرقابة الأميركية على الجيش الإسرائيلي. وقد زادت إدارة أوباما مساعدة إسرائيل من الصواريخ الدفاعية، لكنها اشترطت عليها مسبقاً وضع السلاح الهجومي الجديد الذي أعطي لها في مخازن الطوارىء، وعدم استخدامه من دون الحصول على موافقة أميركية. وقد ساعدت الرقابة الأميركية المشددة في كبح إسرائيل.

2-                       نجاح الردع الإيراني: تعلمت إيران من دروس تفجير المفاعل النووي في العراق (سنة 1981) وفي سورية (سنة 2007)، فقامت بنشر منشآتها في عدة أماكن من أجل جعل عملية قصفها أكثر صعوبة. والأهم من هذا أنها قررت نقل الحرب إلى أراضي العدو في حال مهاجمتها، فأنشأت ذراعاً هجومية استراتيجية ضد إسرائيل، ونشرت آلاف الصواريخ في لبنان وقطاع غزة بالتنسيق مع السلاح الصاروخي السوري القادر على تدمير منطقة غوش دان، وشل الاقتصاد الإسرائيلي لوقت طويل. وكلما عززت إيران منظومتها الصاروخية، كلما ازدادت الأصوات الإسرائيلية التي تحذر من مغامرة عسكرية تؤدي إلى حرب استنزاف مدمرة وطويلة الأمد.

3-                       الخلافات في القيادة: برزت في الأيام العشرة الأخيرة خلافات جدية داخل القيادة الإسرائيلية بشأن الحاجة إلى القيام بهجوم إسرائيلي، والحكمة من ذلك. وما زال بنيامين نتنياهو، الذي تعهد لدى وصوله إلى السلطة ببذل كل ما في وسعه من أجل منع إيران من الحصول على السلاح النووي، ينظر إلى محمود أحمدي نجاد على أنه هتلر. وفي الخطاب الذي ألقاه في ذكرى المحرقة كرر نتنياهو وصف إيران وحزب الله و"حماس" بـ "الأشرار الجدد الذين يسعون لتدمير دولة اليهود."

لقد عدّل وزير الدفاع إيهود باراك، الذي يعتبر شريكاً لرئيس الحكومة في الخط المتشدد تجاه إيران، مواقفه في الفترة الأخيرة، فقال في مقابلة مع صحيفة "هآرتس" إن إيران لن تقصف إسرائيل بالقنبلة النووية، ورفض كلام رئيس الحكومة عن المحرقة. فباراك يدرك أن العملية العسكرية ضد إيران بحاجة إلى تأييد واسع نظراً إلى المخاطر المترتبة عليها، وإذا كان التهديد الإيراني لا يشكل خطراً كبيراً فلا حاجة إلى القيام بضربة عسكرية. لقد كان مئير داغان رئيس الموساد السابق أكثر وضوحاً في كلامه عندما وصف الهجوم الجوي على إيران بالخطوة "الغبية"، وهو يتحدث هنا من موقع العارف، إذ كان مسؤولاً عن الملف الإيراني، وتبين أن نصائحه العملانية في حرب لبنان الثانية كانت أدق من غيرها.

4-                       الإيرانيون في محنة: إن كبار المسؤولين الإسرائيليين، من أمثال بوغي يعالون،  الذين يعتبرون العملية العسكرية هي المخرج الأخير، يبدون حماستهم إزاء الصراعات الداخلية في إيران، والتي تدل في رأيهم على ضعف النظام. ويبدو أن العقوبات الاقتصادية بدأت تستميل رجال الأعمال إلى جانب المعارضة الخضراء، وثمة خلاف بين خامنئي وأحمدي نجاد، إذ يضغط الزعيم الديني على الرئيس الإيراني الذي يبدو أنه لن يُنتخب لولاية جديدة. كذلك يخوض نظام الأسد معركة الدفاع عن بقائه في وجه المتظاهرين في المدن السورية. في مثل هذه الحالة، من الأفضل أن تلتزم إسرائيل الهدوء، وألاّ تتدخل، وأن تترك للتطورات الداخلية في طهران ودمشق أن تفعل فعلها.

5-                        خلاصة مرحلية: سيكرر نتنياهو في خطابه المرتقب أمام الكونغرس تحذيره من أن إسرائيل تتعرض لخطر الإبادة، ويجب عدم الضغط عليها للخروج من المناطق الحيوية في الضفة الغربية، وعدم نقل هذه المناطق إلى أيدي "الأشرار". وهو يلمح بذلك إلى إمكان إرسال سلاح الجو الإسرائيلي في عملية ضد إيران في حال وجدت إسرائيل نفسها محشورة في الزاوية، وذلك بهدف ردع أوباما عن فرض تسوية فلسطينية ـ إسرائيلية.

إلاّ إن الخطر الذي يلوح به نتنياهو هو خطر أجوف، فالخلاف الداخلي الإسرائيلي، والتخوف من حرب استنزاف مدمرة، وغموض الموقف المصري، كل ذلك يشكل كوابح لأي هجوم جوي. لقد انتظر نتنياهو عامين ليكتشف أن الهجوم على إيران بات الآن أصعب كثيراً من أي وقت مضى.