· خلال الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الأميركي، تشاك هيغل، لإسرائيل، بالغ في إغداق الهدايا العسكرية والثناء علينا وذلك بعكس مواقفه السابقة. وفي الواقع فإن العناق الأميركي الذي بدأ مع زيارة الرئيس أوباما يهدف إلى أمرين: تقليص حرية المناورة الإسرائيلية بشأن هجوم مستقل ضد إيران، وضمان ألاّ تقوم إسرائيل من خلال مجلس النواب الأميركي بعرقلة صفقات السلاح الكبيرة التي تقوم الولايات المتحدة من خلالها بتسليح دول هي في حالة حرب مع إسرائيل، وفي طليعتها السعودية.
· من جهة أُخرى من الصعب أن نفهم كيف يمكن لوزير الخارجية الأميركي جون كيري أن يقارن بين قتلى سفينة مرمرة وبين قتلى هجوم بوسطن، فهو بهذه الطريقة يساوي بين الجيش الإسرائيلي الذي عمل وفقاً للقوانين الدولية وبين الإرهابيين من الشيشان. وهذا يعني واحداً من أمرين: إمّا أن كيري لا يتمتع بالحد الأدنى من الحكمة المطلوبة من الدبلوماسي الأول في الولايات المتحدة، وإمّا أن ما قاله في هذا الشأن كان مقصوداً. وهذان احتمالان سيئان.
· يتعين على دولة إسرائيل الاحتجاج على هذه التصريحات المسيئة، والمطالبة باعتذار علني من كيري أو من الرئيس أوباما نفسه. فالمسألة لا تتعلق بالكرامة الوطنية التي أساء إليها وزير خارجية الدولة الصديقة الوحيدة لنا، وإنما بمطالبة الإدارة الأميركية بالامتناع من أي خطوة يمكن أن تفسَّر بأنها نزع للشرعية عن وجودنا.
· في اللقاء الذي جرى هذا الأسبوع في تركيا طلب جون كيري من رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان تأجيل زيارته المقررة لغزة، بحجة أن هذه الزيارة قد تعرقل المساعي المبذولة لإحياء العملية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين. أي بكلام آخر، أن هذه الزيارة ستعزز شرعية سلطة "حماس" على حساب السلطة الفلسطينية التي ستردّ على ذلك بمطالبة إسرائيل بتقديم "إنجازات" لها، الأمر الذي لن يتحقق، وهو ما سيدفع إلى تأجيل المفاوضات مع الفلسطينيين إلى موعد غير محدد، بعكس ما يريده الأميركيون.
· لقد أراد كيري إرضاء أردوغان كي يستجيب لمطلبه [تأجيل زيارته لغزة]، ولهذا أدلى بهذه التصريحات المسيئة لإسرائيل. ويبدو أن وزير الخارجية الأميركي لا يدرك كيف ستفسر الزعامة التركية محاولاته إرضاءها.
إن إسرائيل لا تملك هامش المناورة الذي يملكه الأميركيون فيما يتعلق بنتائج الأخطاء في التصرف إزاء تركيا. والراهن اليوم، وحتى بعد اعتذار رئيس الحكومة الإسرائيلية، أن الأتراك يتصرفون بصورة تؤدي إلى إضعاف دولة إسرائيل وتعزيز قوة أعدائها. وعلينا أن نتصرف بجدية إزاء هذا الأمر ومن دون أي تهاون.