من سيوقف المتظاهرين الفلسطينيين؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

 

  • دعونا نتخيل المشهد التالي: في أواسط تشرين الثاني/نوفمبر من هذه السنة، ستوافق الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة على قبول دولة فلسطين عضواً في الأمم المتحدة، لكن هذه العضوية تُرفض بسبب صوت دولة واحدة، الفيتو الأميركي في مجلس الأمن. وبعد أيام معدودة على ذلك تخرج تظاهرات من بيت جالا والعيسوية وأبو ديس في اتجاه القدس، ويخرج الآلاف من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ والعائلات من دون سلاح ولا زجاجات حارقة ولا حجارة يسيرون في اتجاه القدس لمطالبة الحكم الذي سيطر عليهم لمدة 44 عاماً برفع الظلم عنهم والاعتراف بدولتهم المستقلة ضمن حدود 4 حزيران/يونيو 1967.
  • وفي مواجهة هؤلاء سيقف الجيش الإسرائيلي مزوداً بالتعليمات الدقيقة التي تسمح له بإطلاق النار، وخصوصاً بعد الدروس التي تعلمها من أحداث خرق السياج الحدودي في هضبة الجولان، ومجهزاً بالعتاد المخصص لتفريق التظاهرات. لكن على الرغم من كل ذلك يصعب توقع ما سيحدث، وكيف سيتصرف الجنود في المواجهات مع الفلسطينيين.
  • امتازت الأعوام العشرون الأولى للاحتلال بالهدوء النسبي، وبالعدد القليل للجنود الإسرائيليين الذين رفضوا أداء خدمتهم العسكرية في المناطق. وبعد نشوب الانتفاضة الأولى التي كانت انتفاضة شعبية وسميّت بانتفاضة الحجارة، رفض عشرات الجنود الخدمة في المناطق. وبعد مرور 15 عاماً وفي سنة 2002، رفض مئات الجنود الخدمة في المناطق، الأمر الذي سرّع في خطة الانفصال عن قطاع غزة، وإبعاد جزء كبير من جنود الاحتياط عن يهودا والسامرة، كما شاركت أعداد قليلة من جنود الاحتياط في القتال في أثناء عملية "الرصاص المسبوك" ضد قطاع غزة.
  • إن الجنود الذين ستوجه إليهم الأوامر باعتراض المتظاهرين يعرفون جيداً الوسائل التي يجب استخدامها من أجل السيطرة على الفلسطينيين، فهم تدربوا جيداً على تنفيذ المهمات الموكلة إليهم، ومستعدون للتضحية بحياتهم "من أجل الدفاع عن الوطن والحرية في إسرائيل". لكن يمكننا الافتراض أن العديد من هؤلاء الجنود يعلمون بأن الدفاع عن إسرائيل ضد ملايين الفلسطينيين الواقعين تحت سيطرتها لا يساهم في الدفاع عن حرية الشعب الإسرائيلي، وأن المهمة الموكلة إليهم ليست الدفاع عن دولة إسرائيل، وإنما الدفاع عن أمن المستوطنات الواقعة خارج الحدود الدولية لدولة إسرائيل.
  • تعرف أغلبية الجنود أن إدارة المعابر ومحاصرة القرى والاعتقالات الليلية هي المهمات المطلوبة من أجل السيطرة على المدنيين، وقد تحولت هذه المهمات إلى النشاط الأساسي للجيش الإسرائيلي. وتعوّد هؤلاء الجنود على كيفية السيطرة على أراضي قطاع غزة وعلى مليون ونصف المليون من السكان بعد عملية قصف جوي عنيف يموت خلالها المئات، وهم يعتبرون ذلك مهمة منطقية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن في حال فشلت وسائل تفريق التظاهرات هو التالي: هل سيطلق الجنود الرصاص الحي على المتظاهرين العزل ويعتبرون أنفسهم يقومون بمهمة عسكرية؟