أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، في منتصف الليلة الماضية، أوامر تقضي بتجميد إجراءات عملية تسليم السلطة الفلسطينية جثامين 84 قتيلاً فلسطينياً مدفونة في مقبرتين لقتلى العدو في غور الأردن وهضبة الجولان [تعرفان باسم "مقبرتي الأرقام"]، وذلك بهدف إعادة دراستها من جوانبها كافة.
وعلمت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن خطوة وزير الدفاع هذه جاءت في إثر الانتقادات الحادة التي تعرضت لها هذه العملية من طرف عائلات ضحايا العمليات المسلحة التي نفذها المقاتلون الفلسطينيون الذين كان من المفترض أن يتم تسليم جثامينهم، وأيضاً لتجنّب التسرّع في عملية تسليم الجثامين الأمر الذي سيؤدي إلى فقدان أوراق مساومة مهمة في سياق المفاوضات غير المباشرة الدائرة بين إسرائيل وحركة "حماس" من أجل التوصل إلى صفقة تبادل أسرى تسفر عن الإفراج عن غلعاد شاليط [الجندي الإسرائيلي الأسير لدى هذه الحركة].
تجدر الإشارة إلى أن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أكد مساء أمس (الاثنين) أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو صادق قبل عدة أشهر على تسليم السلطة الفلسطينية جثامين 84 قتيلاً فلسطينياً مدفونة في إسرائيل تلبية لطلب خاص تقدمت به هذه السلطة.
وأضاف الناطق أنه يجري في الآونة الأخيرة اتخاذ الإجراءات اللازمة لترتيب عملية التسليم، وتحديد الموعد الملائم لتنفيذها.
وكان وزير الشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ أعلن ظهر أمس (الاثنين) أن إسرائيل تنوي قريباً تسليم السلطة الفلسطينية جثامين عدد من المقاتلين الفلسطينيين المدفونة لديها، وبينهم انتحاريون لقوا مصرعهم في أُثناء تنفيذ عمليات مسلحة داخل المدن الإسرائيلية.
وذكرت صحيفة "معاريف" (5/7/2011) أن 73 جثماناً من هذه الجثامين هي لمقاتلين فلسطينيين لقوا مصرعهم في أثناء انتفاضة الأقصى [التي اندلعت في أيلول/سبتمبر 2000]، وفي مقدمهم رائد مسك من حركة "حماس" الذي نفذ عملية انتحارية ضد حافلة باص في القدس
في آب/ أغسطس 2003، وهنادي جرادات من حركة "الجهاد الإسلامي" التي نفذت عملية مسلحة في مطعم "مكسيم" في حيفا في نيسان/ أبريل 2003، ونبيل مسعود الذي نفذ عملية انتحارية في ميناء أسدود سنة 2004. وسيتم تسليم جثامين مقاتلين لقوا مصرعهم قبل انتفاضة الأقصى، بمن في ذلك مقاتلون لقوا مصرعهم في سبعينيات القرن الفائت. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه العملية تأتي كبادرة حسن نية من طرف الحكومة الإسرائيلية في مناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك.
ونقلت صحيفة "هآرتس" (5/7/2011) عن مصادر في ديوان رئيس الحكومة قولها إن السلطة الفلسطينية طالبت قبل عدة أشهر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بالإفراج عن هذه الجثامين، ورفعت المؤسسة الأمنية الموضوع إلى رئيس الحكومة. وأضافت هذه المصادر أن نتنياهو صادق مبدئياً على الاستجابة لطلب السلطة الفلسطينية، وكلف منسق نشاطات الحكومة في المناطق [المحتلة] الجنرال إيتان دانغوت تنفيذ العملية، التي تندرج في إطار مبادرات حسن النية.
توقعت الصحيفة أن يتم في إطار هذه العملية تسليم جثماني الأخوين عادل وعماد عوض الله من قادة الجناح العسكري في حركة "حماس" اللذين اغتالتهما إسرائيل قرب الخليل سنة 1998 واختطفت جثمانيهما. وكانت إسرائيل قد رفضت في السابق تسليم الجثمانين في إثر شكوى تقدمت بها عائلتهما إلى المحكمة الإسرائيلية العليا، متذرعة بأنها قررت أن تحتفظ بهما كورقة مساومة من أجل التوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حركة "حماس" في مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط.