ماذا ستفعل إسرائيل بمخزونها من الغاز؟
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

·       من الواضح اليوم أن إسرائيل تملك كميات من الغاز أكبر بكثير من استهلاكها الحالي، فحقل تمار وحده يؤمن حاجة إسرائيل من الغاز مدة 30 عاماً. والسؤال المطروح هو: ماذا ستفعل إسرائيل بما بقي من مخزونها من الغاز؟ أمّا الجواب فواضح وهو: عليها بيعه للآخرين. إلاّ إن وسائل تصدير الغاز معقدة ومن شأنها أن تقلل من العوائد المالية للدولة التي تملك هذا الغاز، وللشركات التي لديها حق التنقيب عنه.

·       يجري تصدير الغاز عبر وسيلتين فقط، هما: الأنابيب، أو من خلال تسييل الغاز وإرساله إلى الدول المستهلكة له في أوروبا وآسيا. إن الخيار الوحيد المتاح اليوم هو استخدام أنبوب نقل الغاز الذي يمر عبر تركيا، ومن هناك تنقله شبكة من الأنابيب من وسط آسيا إلى أوروبا. قد يبدو هذا الخيار هو الأفضل في عالم لا توجد فيه مشكلات سياسية لكن لا تستطيع إسرائيل الاعتماد على وسيلة نقل تستند إلى تركيا.

·       ويبقى الخيار الثاني، أي تحويل الغاز إلى غاز سائل. فمن أجل تسييل الغاز المستخرج من حقل ليفيثان ومن الحقول الأخرى، نحتاج إلى إقامة محطة كبيرة جداً في تلك المنطقة، وإلى تكنولوجيا متطورة جداَ. وتتراوح تكلفة بناء مثل هذه المحطة بين 6 إلى 8 مليار دولار، ويمكن إقامتها داخل إسرائيل أو بالقرب من شواطئها. لكن تجربة الأعوام الأخيرة أظهرت أن إقامة محطات صغيرة تثير معارضات محلية، وعلى الأرجح فإن بناء محطة محلية سيؤدي إلى بروز معارضة بيئية قوية. فضلاً عن ذلك، فإن ذلك يتطلب أن تقوم إحدى الشركات القليلة المعروفة بخبرتها التكنولوجية في هذا المجال بالاستثمار في إسرائيل، في وقت تتخوف فيه معظم الشركات من المقاطعة العربية في حال فعلت ذلك، كما تتخوف من الانزلاق إلى داخل السياسة المعقدة في المنطقة.

·       وفي حال عدم توفر هذه الإمكانية، هناك إمكانية أخرى هي بناء محطة داخل الأراضي القبرصية أو على شواطئها، بحيث يمكن نقل الغاز الإسرائيلي إليها عبر أنابيب تمر تحت البحر، أو بناء محطة في العقبة في الأردن يمكن نقل الغاز الإسرائيلي إليها عبر أنبوب آخر يمر في النقب.

·       من الناحية التقنية، فإن هاتين الإمكانيتين قابلتين للتنفيذ لكنهما مكلفتين وتشتملان على صعوبات سياسية. فالأنبوب الذي سيتجه نحو قبرص سيثير معارضة شديدة من جانب تركيا التي ما زالت تتمسك بالسيطرة على الجزء التركي من الجزيرة. وكانت تركيا قد احتجت على البدء بالتنقيب عن الغاز في المنطقة البحرية التابعة للسيادة القبرصية.

·       نظرياً، في استطاعة محطة تسييل الغاز أن تستقبل الغاز من كل المنطقة لكن هذا يتطلب إجماعاً من جانب الدول المحلية، ومن بينها تركيا ولبنان، كما يتطلب تطوير المشروع أعواماً عديدة. وقد يبدو خيار العقبة جذاباً لكنه يعتمد على اتفاق السلام مع الأردن الذي يجب أن يكون قادراً على الصمود في حال تغير النظام هناك. ناهيك عن أن الخيار الأردني سيعرض تصدير الغاز لخطر تدخل عناصر أخرى من العالم العربي، كما سيشكل هدفاً "طبيعياً" للإرهابيين.

·       إن كل قرار يتخذ بشأن الغاز يجب أن يأخذ في اعتباره الوضع الجيو- سياسي لإسرائيل، من هنا على إسرائيل أن تبحث عن خيار آخر، وأن ترفع استهلاك الغاز داخل أراضيها. وهناك ثلاث فوائد لاستخدام الغاز في إسرائيل هي: زيادة الأمن القومي عبر تقليص الاعتماد على استيراد الفحم والنفط، وتقليص انبعاث ثاني أوكسيد الكربون الأمر الذي يقرب إسرائيل من الأهداف التي وضعتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD، والأهم من هذا كله فإن التحول الذي سيشهده  قطاع الطاقة في إسرائيل نتيجة التحول إلى استخدام الغاز سيؤدي إلى زيادة فرص العمل.

·       إن مثل هذا التطوير لاستخدام الغاز في إسرائيل سيعوض على الذين استثمروا أموالاً كبيرة في أعمال التنقيب، وسيشجع على مزيد من الاستثمارات في هذا المجال، وسيساعد في بيع الغاز للمستهلكين الإسرائيليين بالأسعار نفسها التي يباع فيها في أي مكان آخر من دون بناء منشآت باهظة التكلفة.