يجب تطبيع العلاقات مع تركيا
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

 

·       تنتهج تركيا اليوم الخط الأكثر تشدداً إزاء نظام بشار الأسد، فهي تدعو إلى إسقاط هذا النظام، وتقدم ملاذاً آمناً للمعارضة السورية. وقد عكست ردة الفعل الحادة على إسقاط سورية الطائرة التركية الموقف التركي الصارم تجاه الأسد، الذي كان حتى وقت قريب حليفها في دمشق.

·       إن هذه المواقف التركية تتطلب إعادة تقويم لوجهات النظر السائدة حالياً في إسرائيل تجاه تركيا. لقد قيل الكثير عن رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان بعد أحداث الأسطول التركي، فقد اتُهم بأنه إسلامي متطرف موال للفلسطينيين ومعاد لإسرائيل، كما قيل إنه معاد للسامية، وجرى تصويره على أنه العدو رقم 2 لإسرائيل بعد محمود أحمدي نجاد. وقد شاركت الحكومة الإسرائيلية، التي فشلت في معالجة مشكلة الأسطول التركي إلى غزة سياسياً وعسكرياً وورطت الجيش الإسرائيلي في عملية أدت إلى مقتل تسعة مواطنين أتراك، في عملية شيطنة أردوغان، سواء بصورة مباشرة أم غير مباشرة، وذلك كي تبعد عنها الانتقادات.

·       إن درس المواقف التركية الأخيرة يؤدي إلى خلاصة مفادها أن الانتقادات التركية الموجهة إلى إسرائيل لا تستند إلى موقف معاد لهذه الأخيرة، مثلما أن الانتقادات التركية الحادة الموجهة إلى سورية لا تقوم على مواقف معادية لسورية أو للعرب. ويمكن القول إن هذه المواقف تنبع من وجهة نظر تركيا بصفتها قوة إقليمية، كذلك يمكن وصف وجهة النظر هذه بـ "العثمانية – الجديدة" التي طورها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو. ولا تعكس هذه النظرة سياسة إسلاموية، وإنما هي محاولة لتعزيز المكانة الجيوسياسية لتركيا في المنطقة. لقد كانت تركيا الكمالية [نسبة إلى كمال أتاتورك]، حتى سقوط الاتحاد السوفياتي، عضواً مخلصاً في حلف الأطلسي، لكنها انتهجت فيما بعد خطاً مستقلاً ما لبث أن برز خلال حرب الخليج الثانية [عندما رفضت تركيا استخدام الولايات المتحدة أراضيها للهجوم على العراق]، الأمر الذي صَعّب الاحتلال الأميركي للعراق .

·       ومن الأوجه الأخرى لهذه السياسة الخارجية، التي لم تحقق نجاحاً كبيراً، هو شعار"تصفير المشكلات مع الدول المجاورة". فقد أدت هذه السياسة خلال العقد الماضي إلى تصالح مع سورية الأسد، وإلى محاولات تركية لم يكتب لها النجاح للمصالحة مع أرمينيا، وإلى مواقف أكثر اعتدالاً إزاء قبرص.

·       لكن بعد أن أصبح واضحاً لتركيا أن الاتحاد الأوروبي لن يقبل بانضمامها إليه مع عدد سكانها الكبير من المسلمين، بدأت بتوجيه سياستها في اتجاه يساهم في بلورة نفوذها في المنطقة. ومن هنا يأتي موقفها المتشدد تجاه إسرائيل في موضوع الأسطول، وتخليها عن نظام بشار الأسد بعد رفضه الإصغاء إلى نصائحها، ومطالباتها إياه بأن يكون أكثر اعتدالاً وبأن يتخلى عن قمع مواطنيه.

·       إن الخلاصة التي يمكن استنتاجها مما سبق هي أن على الدول المجاورة التعود على حقيقة أن تركيا تعتبر نفسها قوة إقليمية يجب أخذها في الاعتبار، الأمر الذي قد يشكل تحدياً كبيراً بالنسبة إلى إسرائيل، لكنه لا يعني أننا بتنا أمام دولة معادية لنا.

·       لم تعد تركيا دولة ثانوية، وإنما باتت لاعباً جديداً وقوياً ذا اقتصاد مزدهر. ولقد نجح حزب العدالة والتنمية بجذوره الإسلامية في التفوق على الجيش صاحب الإرث الكمالي العلماني. أمّا بالنسبة إلى إسرائيل فلم يتأخر الوقت بعد كي تقوم بإغلاق ملف قضية الأسطول المؤلمة والتوصل إلى تطبيع علاقاتها مع أنقرة.