مصر ليست إيران
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

 

·       في الأسبوع الماضي نشرت وكالة "فارس" للأنباء مقابلة قالت أنها أجرتها مع الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي قال فيها إنه ينوي توطيد العلاقات مع إيران من أجل إنشاء "توازن استراتيجي في المنطقة"، مضيفاً أن علاقاته مع إسرائيل هي علاقات عداء، وأنه يريد إعادة النظر في اتفاق السلام معها.

·       لقد سارعت مصر إلى تكذيب هذا الكلام موضحة أن الرئيس لم يجر أي مقابلة مع أي وسيلة إعلامية، لكن على الرغم من ذلك واصلت وكالة "فارس" الادعاء أن المقابلة صحيحة. وسواء أكان هذا الكلام صحيحاً أم لا، فإن انتخاب مرشح الإخوان المسلمين للرئاسة المصرية لا يدل بالضرورة على وجود خط سياسي جديد في القاهرة، أوعلى منعطف في الموقف المصري من إيران.

·       إن صعود الإخوان المسلمين في مصر لا يشكل بالضروة بداية "شهر عسل" في العلاقات مع طهران، وذلك نظراً إلى عدم وجود توافق في آراء "الإخوان" إزاء إيران. صحيح أن بعض كبار المسؤولين في قيادة الإخوان المسلمين في مصر ينظر بإيجابية إلى الدور الإقليمي الذي تقوم به إيران كونها زعيمة محور "المقاومة"، وبسبب موقفها العدائي من إسرائيل، إلاّ إن "الإخوان" بصفتهم تنظيماً سنياً بارزاً سيتخذون موقفاً سلبياً من الشيعة.

·       لقد عبّر الشيخ يوسف القرضاوي، الذي يعتبره كثيرون المرجع الأيديولوجي الأعلى للإخوان المسلمين، أكثر من مرة عن تخوفه من خطر" تصدير الثورة" الإسلامية الإيرانية، ومن عملية نشر التشيع بين سنّة الدول العربية.

·       وفي أيام مبارك، كانت مصر تنظر إلى إيران على أنها منافسة أساسية لها على النفوذ في المنطقة، وتسعى لضرب استقرار الحكم في القاهرة. وقد عملت مصر في عهد مبارك على وقف عمليات تهريب السلاح من إيران، بالإضافة إلى كبح معسكر الدول الراديكالية. وكانت الثورة الإسلامية في إيران سبباً في برودة العلاقات بين البلدين وصولاً إلى قطعها، كما أدت إلى التقارب المصري - الأميركي، وإلى توقيع اتفاق السلام الإسرائيلي – المصري.

·       ومنذ ذلك الوقت جرت عدة محاولات إيرانية من أجل استئناف العلاقات مع مصر لكن من دون جدوى. ويبدو أن ثمة مصلحة واضحة لإيران اليوم في معاودة هذه العلاقات، لأن من شأن ذلك أن يساعدها في صراعها ضد المعسكر السني، وأن يجعلها تحقق إنجازاً للثورة الإسلامية.

·       على الصعيد الداخلي المصري، فإن الصلاحيات المعطاة لمرسي مقيدة ومرتبطة بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهي لا تسمح له بإحداث انعطافة سياسية كبيرة. وإذا كان مرسي لا يعرف فيجب أن يقال له إن التقرب من إيران سيعزل مصر على الساحة العربية، وسيلحق الأذى بمكانة مصر في المنطقة.

·       ثمة مصلحة مزدوجة لإسرائيل في أن تواصل مصر مساعيها لوقف تهريب السلاح عبر أراضيها من السودان إلى غزة، وفي أن تظل تشكل حاجزاً سياسياً في وجه محاولات إيران دعم المعسكر الراديكالي.

·       وثمة شك في أن تكون مصر مستعدة لدفع ثمن إعادة الحرارة إلى علاقاتها مع إيران، ليس فقط من علاقاتها مع الولايات المتحدة بل أيضاً من علاقاتها مع السعودية، التي تعتمد مصر على مساعدتها الاقتصادية، والتي لن ترضى عن هذا الأمر.

·       في حال تحسنت العلاقات بين مصر وإيران، فإن هذا سيكون قصير المدى، إذ ستبقى العلاقات بينهما باردة على المدى البعيد، ولا سيما إزاء تنافس الدولتين على تحقيق الهيمنة الإقليمية. من هنا فإن صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة لن يغير دفعة واحدة العقيدة العسكرية المصرية، وسيظل يُنظر إلى إيران وإلى عملائها في المنطقة على أنهم أعداء للمصلحة القومية المصرية.