عودة السفير الأميركي إلى دمشق خضوع آخر لأوباما
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

·       في 14 أيار/مايو من العام الماضي، أرسل 12 سيناتوراً أميركياً رسالة إلى وزيرة الخارجية الأميركية يعلمونها فيها أنهم لن يسمحوا للإدارة الأميركية بتعيين روبرت فورد سفيراً في سورية، لأن هذا التعيين "ليس مجرد تنازل، وإنما هو مكافأة لسورية على سلوكها السيء". وجاء هذا رداً على ما قالته وزيرة الخارجية قبل بضعة أشهر عن أن التعيين "ليس تنازلاً، وإنما أداة تسمح بإقناع المسؤولين الكبار في النظام السوري بفعالية أكبر".·       إن هذا نقاش قديم ومعروف وله صلة بقرار إدارة أوباما تغيير أسلوب تعاملها مع الأنظمة المارقة والدول المعادية لها. إن سلسة الإخفاقات التي تعرضت لها هذه الإدارة في محاولتها تطبيق سياسة الحوار لم تجعلها تتعلم الدرس. فالإدارة الأميركية تعترف بأنها أخفقت، وأنها توقعت أن تحقق إنجازات أكثر، لكن بالنسبة إليها ما هو البديل من ذلك؟ هل هو العودة إلى أيام الحظر الذي فرضه بوش؟ وهل استطاع بوش أن ينجح أكثر عندما طبق سياسة الحظر ورفض إجراء اتصالات مع سورية؟·       بعد اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري، عاقب الرئيس بوش سورية، واستدعى السفير الأميركي من دمشق، لكن هذا كله لم يؤد إلى شيء. فعدم وجود سفير أميركي في دمشق هو، في رأي أوباما، عقاب لأميركا لا لسورية. وقد استغل أوباما في الأسبوع الماضي الفجوة التي تخوله إصدار قرار رئاسي من دون الحصول على موافقة مجلس الشيوخ الذي كان في عطلة، كي يقرر إرسال السفير فورد إلى دمشق، والذي ستكون مهمته الأساسية إنهاء المرحلة التي بدأت في سنة 2005.·       لقد عاد السفير الأميركي السابق إلى بلده بسبب اغتيال الحريري، والسفير الأميركي الجديد يعود إلى سورية بسبب اغتيال الحريري. وستكون مهمته مراقبة كيف ستتصرف سورية من أجل نزع فتيل القنبلة التي سيفجرها القرار الظني الذي سيصدره قريباً المدعي العام للمحكمة الدولية. كما سيكون عليه إقناع السوريين بكبح حزب الله، والمساهمة في استقرار حكومة الحريري الإبن.·       خلال الأشهر الأخيرة برز كلام في إسرائيل بشأن عودة المفاوضات مع سورية. وذكرت إحدى الصحف العربية أن هذا الأمر هو بين المهمات الموكلة إلى السفير فورد. يمكننا على الدوام أن نتأمل، لكن ما نجح موظفو إدارة أوباما في الحصول عليه حتى الآن من السوريين لا يبعث على التفاؤل، فجميع المحادثات التي أجروها في دمشق كانت مخيبة للآمال.  فقد شعر السوريون برغبة الأميركيين في الحوار، وأنهم لن يستخدموا الضغط، ولن يدخلوا في صراع قوة، ولذا أعطوا القليل، وأكثروا من الشكوى.·       هل وجود فورد في دمشق سيغير من سلوك العمل السوري؟ تبدو الإدارة الأميركية حذرة، وهي توضح أن في استطاعة السفير إيلاء الشعب السوري مزيداً من الاهتمام. وبدلاً من إرسال الموفدين الخاصين من وقت إلى آخر، فإن من الأفضل أن يكون للولايات المتحدة ممثل في دمشق قادر على نقل الرسالة الأميركية يومياً.·      لم يتغير موقف المعارضين لتعيين سفير أميركي في سورية. فالرئيسة الجديدة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب أليانه روس- لتينن قالت إن التعيين هو "خضوع للنظام السوري"، ويشكل "رسالة غير صحيحة". وفي رأيها فإن التفسير الأميركي بأن تعيين السفير هو في نهاية الأمر عمل روتيني من شأنه أن يحسن نوعية العمل ليس مهماً، وإنما المهم كيف تُفسر سورية التعيين. فإذا كانت ترى فيه خضوعاً، فمعنى هذا أن ما جرى هفوة أميركية. وفي الحقيقة فإن ما يحتاج إليه الأميركيون في سورية ليس سفيراً، وإنما سياسة.