العملية في جنين هي إعطاء مريض ميؤوس من شفائه حبة أسبيرين
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • يمكن وصف العملية في جنين بأنها عملية تكتيكية ناجحة حققت هدفاً عسكرياً مركزياً، هو تقليص كميات السلاح الموجود في حوزة المسلحين الفلسطينيين في جنين - وهي تُعتبر من العمليات الناجحة سياسياً بالنسبة إلى بنيامين نتنياهو. وليس عبثاً أن نراه يكبّد نفسه عناء التقاط الصور في ضواحي جنين وإظهار وجوده. الإصلاح يمكن أن يتسلل ببطء، الاحتجاج أصبح أقل إثارة للاهتمام، وربما صور القتلى من جنين ستمنح حكومته غير المستقرة بضعة أسابيع أو أشهر من الاستقرار. وفي إمكان مؤيديه النجاح في جعل الناس ينسون حقيقة أنه منذ ولاية حكومة اليمين بالكامل، نشهد تصاعداً دراماتيكياً في الهجمات، وهجوم يوم الثلاثاء في تل أبيب هو نموذج آخر من ذلك.
  • وفي الواقع، هذه هي المشكلة الكبيرة التي تحملها العملية في جنين: هي إعطاء مريض ميؤوس منه حبة أسبيرين. ربما ستقلل المخاطر المترتبة عن مخيم اللاجئين في جنين من ناحية العتاد العسكري الموجود فيه، لكنها بالتأكيد لن تخفض عدد الهجمات. هذه العملية ليست عملية سور واقٍ 2، كما يحاول أن يسّوق لها أنصار نتنياهو. وهي لا تقترب منها، وعدد المطلوبين المسلحين الذي قُتلوا في المعارك ليس مرتفعاً، مقارنةً بعدد المسلحين الذين كانوا موجودين في المخيم.
  • وهناك حقيقة غير متوقعة لا يعرفها قسم كبير من الجمهور الإسرائيلي - أغلبية المطلوبين من المسلحين فرّت من المخيم فور بدء العملية والهجوم من الجو. هم فهموا من أين تهب الرياح، واختاروا الاختباء في مستشفيات المدينة، أو في منازل مواطنين في أحياء أُخرى خارج المخيم. فقد تعلموا جيداً الدرس من عملية الجدار الواقي (2002)، وتركوا الجيش الإسرائيلي في مواجهة مخيم من الأشباح.
  • صحيح أنه توجد جيوب من المقاومة هنا وهناك، وصحيح أن الجيش نجح في العثور على معامل المتفجرات ومخازن السلاح، لكن في الخلاصة، لا وجود للمسلحين. ومنذ مساء يوم الإثنين، عملياً، أغلبية المدنيين الفلسطينيين غادرت المخيم. صور العائلات والآباء والأمهات يفرّون مع أولادهم كانت مشاهدتها صعبة، لكن دلالاتها واضحة - مع تراجُع الخطر على حياة المدنيين،  تراجع أيضاً خطر فتح جبهة جديدة في مواجهة "حماس" في غزة، أو في الشمال.
  • وهنا يجب أن نقول بضع كلمات عن "حماس". لقد أرسلت الحركة أفضل الناطقين بلسانها للتحذير والتهديد بردّ مؤلم ضد إسرائيل، وأنها "ستضرب العدو الإسرائيلي بصورة لا يتوقعها." لكن في الخلاصة، لم تفعل "حماس" شيئاً باستثناء إطلاق صواريخ ليلاً بعد انتهاء العملية. وبالنظر إلى الظروف الراهنة، المقصود ظاهرة ليست جديدة، لكنها مثيرة للدهشة حتى بالنسبة إلى الفلسطينيين أنفسهم.
  • في عملية حارس الأسوار في أيار/مايو 2021، حاولت "حماس" السيطرة على الضفة الغربية والقدس والعرب في إسرائيل، لكنها قررت منذ ذلك الوقت إبقاء غزة خارج المعركة. لكن ليس بأي ثمن، فلو كان عدد القتلى بين المسلحين الفلسطينيين، أو بين المدنيين، مرتفعاً لكنّا شهدنا حينها رداً مختلفاً. لكن حقيقة أنه قُتل حتى الآن 12 فلسطينياً "فقط" في العملية، أغلبيتهم الساحقة من المسلحين، تسمح لـ"حماس" بإبقاء نفسها خارج المعركة، مع المحافظة على لغة التهديد. والاعتبار بالنسبة إليها واضح، فهي تريد المحافظة على الإنجازات الاقتصادية، وعلى عملية إعادة البناء البطيئة، وخروجها من تحت الدمار.
  • حتى الجهاد الإسلامي الذي يُعتبر أكثر تشدداً، فإنه تجنّب إطلاقاً كثيفاً للصواريخ على إسرائيل، على ما يبدو، في ضوء الثمن الذي دفعه في جولة القتال الأخيرة في مواجهة الجيش الإسرائيلي. هناك طرف آخر لم يقم بخطوة لا يمكن العودة عنها، هو السلطة الفلسطينية التي أعلنت أنها "ستواصل وقف التنسيق الأمني" مع إسرائيل، لكنها لم تسارع إلى إلغاء التنسيق المدني والاتفاقات الاقتصادية.
  • يبدو أن الفلسطينيين - السلطة في الضفة و"حماس" في غزة - فهموا ما لم يفهموه في إسرائيل: هذه ليست عملية عسكرية واسعة ومهمة. وهي تخدم أهدافاً سياسية لنتنياهو.  لكن مع الأسف، بعد وقت قصير على خروج الجيش الإسرائيلي من أزقة المخيم، سيعود المسلحون إليه، وسيستأنفون الهجمات من هناك.
 

المزيد ضمن العدد