هل ستُنهي العملية "الإرهاب"؟ هي ليست أكثر من حبة مهدىء للمستوطنين
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- فقدان بنيامين نتنياهو السيطرة السياسية أثمر عملية استعراضية. فما من إنسان عاقل في الجيش، وفي الشاباك، وحتى في دوائر اليمين، يصدق أن هذه العملية قضت على "الإرهاب" في مخيم اللاجئين في جنين، ناهيك بمدينة جنين ونابلس والقدس، وكل الأراضي المحتلة.
- ونقدّر ونأمل أن يكون نتنياهو نفسه لا يصدق الكلام الذي خرج من فمه عندما قال "نسعى لتغيير المعادلة في مواجهة 'الإرهاب'. فعلنا هذا قبل عامين ونصف في عملية حارس الأسوار في مواجهة 'حماس'، حين أرجعنا الحركة عشرة أعوام إلى الوراء. وفعلنا هذا قبل أسابيع في عملية 'ردع وسهم'، عندما قتلنا مسؤولين رفيعي المستوى في الجهاد الإسلامي، وسنفعل ذلك اليوم في جنين."
- كتالوغ عمليات "القضاء على البنى التحتية" الذي يشمل كبار مسؤولين وقادة ومهندسين و"غير متورطين"، وهدم منازل مخربين، كان يجب أن يقنعنا بأن البضاعة التي يبيعها رئيس الحكومة هي بضاعة قديمة وكاذبة ومسمومة وخطِرة. التهديد الحقيقي يكمن في عدم الثقة الذي تحول إلى بنيوي في كل ما تدّعي هذه الحكومة أنها تفعله، وفي الأهداف التي تسوّقها.
- عملية "درع وسهم" يمكن أن يكون إنجازها المركزي عودة إيتمار بن غفير إلى حضور جلسات الحكومة بعد إعلانه مقاطعتها، كذلك بدأت عملية "بيت وحديقة" في جنين، تحديداً في اليوم الذي جرت فيه التظاهرات في مطار بن غوريون، ومن الصعب فصلها عن إملاءات الجناح اليميني واستخدام الجيش الإسرائيلي كأداة صاخبة لتهدئة صراخهم.
- طبقة تلو الأُخرى، تبني الأطراف الهامشية المتطرفة خطة الأكاذيب التي تنخر بعمق أيضاً في لحم البقرات المقدسة - الجيش وقدراته. في أساس شكوى المستوطنين المطالبة بإطلاق يد الجيش وتحريره من القيود التي تفرضها الحكومة عليه، ومنحه السلطة والصلاحية للقيام بعملية انتقامية وفق المخطط الذي يفرضونه، ومن أجل خلق ميزان رعب في مواجهة الفلسطينيين.
- لكن ميزان الرعب الحقيقي هو بين المستوطنين والجيش الإسرائيلي. إدانة مذابح "شبان التلال" من طرف "القيادة المسؤولة" للمستوطنين ليست أكثر من تهديد علني. والمقصود مَن لا يريد مذابح خاصة يجب عليه أن يجعلها قانونية ويكلف شركة مختصة، مثل الجيش الإسرائيلي، بتنفيذها.
- وهذا أسلوب مثبت ومجرب، يستخدمونه في كل الجرائم التي يرتكبونها. مثلاً، مَن لا يريد بؤراً استيطانية غير قانونية، عليه تشريعها وتسوية أوضاعها، وإذا كان التواجد في حومش يُقلق الذين يريدون احترام القانون، فيمكن تغيير هذا القانون (ولقد تغير فعلاً). قبل يومين، طالب رئيس المجلس الإقليمي للسامرة يوسي داغان باستمرار العملية في جنين حتى "القضاء على البنية التحتية لـ"الإرهاب" وتغيير المعادلة على الأرض."
- ولم يكن ظهور مصطلح "تغيير المعادلة" صدفة في اليوم نفسه في التصريح الذي نشره نتنياهو، كأنه أراد أن يثبت أنه ينفّذ المهمة التي طلبها داغان منه. الآن، يجب أن ننتظر موافقة داغان على قرار وقف العملية، من أجل عودة الجيش الإسرائيلي إلى نشاطه العادي.
- لكن تغيير المعادلة التي يراها المستوطنون أمام أعينهم لا يشبه ما يقصده نتنياهو. الطريقة التي يطرح فيها المستوطنون مطالبهم ويضغطون ويهددون نتنياهو، ويقدمون أنفسهم كضحايا تنتظر التعويض هي صيغة قديمة وغير ذات صلة. وهم الآن يعيدون صوغ كلام صادم قالته ميري ريغيف: "ما قيمة الجيش إذا كنا غير قادرين على السيطرة عليه." لديهم الآن وزير في وزارة الدفاع مسؤول عن المستوطنات، ووزير أمن قومي يتطلع إلى السيطرة على حرس الحدود في المناطق. ويبدو وزير الدفاع [يوآف غالانت] كأنه مدير شعبة مهمات، وماذا عن نتنياهو؟ يبدو أن المستوطنين يوافقون على أن يتركوا له موضوعيْ إيران وحزب الله.