نصر الله يقترب من ارتكاب خطأ سيؤدي إلى دمار لبنان
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- الحرب لا تزال مستمرة في الجنوب؛ في الوقت الذي يضاعف الجيش الإسرائيلي قوة نيرانه، إن كمية الذخائر التي يتم إسقاطها على غزة غير مسبوقة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهذه ليست سوى البداية، ومشاهد الدمار في القطاع ليست سوى تحضير لِما هو آت: إذ سيستمر النشاط ويُكثَّف ويتسع ليشمل جوانب إضافية، وفي نهاية هذه الحرب، لن تعود "حماس" السلطة التي تدير قطاع غزة.
- على مدار الأيام الماضية، تم القضاء على بنى تحتية إدارية وعسكرية تابعة لـ"حماس"، كما تم القضاء على ناشطين أساسيين، كان بعضهم مسؤولاً بصورة مباشرة عن تخطيط وتنفيذ الهجمة "المروعة" على غلاف غزة. هذا كله، في نظر الجيش الإسرائيلي، ليس سوى البداية. إذ ستتسع عمليات الاغتيال الاستهدافي، وسيتحول كلّ عضو في "حماس" إلى شخص محكوم عليه بالموت، مع التركيز على القيادة.
- قمت خلال الأيام القليلة الماضية بزيارة لقاعدة الاستخبارات العسكرية في جنوب البلد، إن كمية الأهداف النوعية هائلة، وهي تتيح الإبقاء على نجاعة المرحلة الحالية من المعركة، مرحلة القوة النارية، وهذه المرحلة يجب أن تُستنفد بالكامل. الأهم من ذلك، هو تلك الشعلة في عيون الضباط والجنود، حيث يتوقد الحافز لخوض معركة الدفاع عن الوطن، بكل ما تحمله كلمة وطن من معنى. يمكن للمرء أن يشعر بسريان هذه الطاقة، ليس فقط في الوحدات الاستخباراتية، بل في الجيش بأسره: فنسبة التطوع في قوات الاحتياط تجاوزت الـ 100% والمجتمع المدني مجنّد للحرب بصورة تامة... إذا كان أحد أعدائنا اعتقد بصورة خاطئة أنه قادر على تحدّي اسرائيل المنقسمة والممزقة، فيبدو أن نتيجة هذا التحدي انقلبت تماماً...
- بموازاة الحملة العسكرية الرئيسية الجارية في الجنوب، حيث لدى الجيش الإسرائيلي العديد من الأهداف والإنجازات المحتملة التي يمكن تحقيقها وضربها، فإن الساحة التي تُقلق المنظومة الأمنية الإسرائيلية أكثر هي الساحة الشمالية. إن حسن نصر الله، على الرغم من التحذيرات، يقترب من ارتكاب خطأ خطِر: هو لا يدرك ما الذي حدث لنا خلال الأسبوع الماضي، وإلى أيّ حد هو مخطئ في توجيه إسرائيل نحو عملية غير متناسبة. إن إسرائيل، قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ليست هي نفسها بعد هذا التاريخ.
- أصبحت الأحداث في منطقة الحدود يومية، وفي بعض الحالات، يدور الحديث عن "منظمات إرهابية" فلسطينية لا يمكنها العمل من دون الحصول على موافقة حزب الله. في جزء آخر من الحالات، كانت العمليات أصلاً من تنفيذ حزب الله الذي ظل وفياً لـ "معادلة الرد" التي وضعها، ومفادها أن الحزب ملتزم، في كل حالة يتم فيها قتل أحد نشطاء حزب الله، بالرد والمس بجنود الجيش الإسرائيلي.
- نصر الله يقوم بإزعاجنا واستفزازنا، ويحاول إفساد التركيز الإسرائيلي على الحرب في غزة. عمليات المضايقة هذه، تهدف إلى تخفيف الضغط عن "حماس". وقد ينجح في ذلك، لكن هذا النجاح يعني أن عليه الاحتراس واحتساب الأثمان غير المسبوقة التي سيضطر إلى تسديدها، هو والدولة اللبنانية. لقد تفاقم خطر سوء تقدير نصر الله للموقف بصورة ملحوظة على مدار الأيام الماضية. فما يعتقد نصر الله أنه نشاط استفزازي تحت حافة الحرب، قد يتضح أنه خطأ خطِر في الحسابات، يدفع بلبنان إلى الكارثة. نصر الله يعرف ما الذي يعنيه توجيه الجهد العملياتي الإسرائيلي إلى لبنان، وهو تدمير المشروع الإيراني الذي يُطلق عليه اسم حزب الله، وأزمة خطِرة يعاني جرّاءها لبنان الذي يعيش أصلاً على شفير الهاوية، وتسخير الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل. في هذه المرة، يبدو أن خطأً كهذا في الاستهانة بالإصرار الإسرائيلي، سيؤدي إلى كارثة كبيرة تطال حزب الله، أكبر بكثير من الكارثة التي حصلت بسبب الخطأ السابق الذي ارتكبه [حرب 2006].
- لقد تلقت إسرائيل ضربة قاسية فعلاً. لكننا تعافينا. وما نقوم به الآن في غزة ليس سوى البداية. إن الدعم الأميركي الذي نتلقاه، سياسياً وعسكرياً، مهم ولا مثيل له، لكن علينا تأكيد نقطة مهمة لأعدائنا، وأصدقائنا، ولمواطني إسرائيل على وجه الخصوص. إن دولة إسرائيل هي القوة الأكبر في المنطقة. نعم، حتى بعد الضربة المفاجئة التي وجّهتها "حماس". إن إسرائيل لم تطلب قط، ولن تطلب من أيّ جهة أن تقوم بعملها بدلاً منها: فجنود وجنديات الجيش الإسرائيلي هم الذين سيدافعون عن "دولة إسرائيل"، وليس الجنود الأميركيين. إن استعراض القوة العظمى في العالم، وهي تقف إلى جانب إسرائيل أمر مهم، لكن في نهاية المطاف، درع إسرائيل هو الجيش الإسرائيلي. إن التحذير الذي توجّهه إسرائيل إلى نصر الله شديد الوضوح: إذا واصلتَ التصرف كما تتصرف الآن، فأنت في الطريق إلى حرب ستسحقك وتسحق لبنان. والخطأ الذي ارتكبه نصر الله في سنة 2006 لن يكون سوى نزهة، مقارنةً بما ينتظره إذا ما ارتكب خطأً في سنة 2023.