استبدال المخطوفين والأسرى بالسجناء: مخطط فوري، وإنساني، وواقعي، ومؤلم
تاريخ المقال
المصدر
- حالة انعدام اليقين والمعاناة التي تعيشها عائلات المواطنين المخطوفين والجنود الأسرى في غزة، إلى حدّ كبير، تفرض قيوداً على أيادي الجيش الإسرائيلي، وتحول بين قيام إسرائيل بما هو مطلوب لتغيير الواقع في القطاع من أساسه. فالقضية تزعجنا هنا في إسرائيل عاطفياً، وهي تزعج المواطنين والزعماء المتنورين في أرجاء العالم. في الوقت ذاته، من المفهوم أن هناك العشرات من الأطفال والنساء والعجائز الإسرائيليين، وبعضهم مواطنو دول أُخرى تم خطفهم، عالقون كما لو كانوا شوكة في حلق القتَلة. وما دام هؤلاء محتجزين في غزة، فلن تتمكن "حماس"، أو الجهاد الإسلامي، من تجنيد الضغط الناجع الوحيد تقريباً، والذي ظل متاحاً أمامهما: الرأي العام الأميركي خصوصاً، والعالمي عموماً.
- علاوةً على ما تقدم، فلن تتمكن "حماس"، أو الجهاد الإسلامي، من استخدام الأسرى والجثث لديهم لتحقيق الهدف الأساسي من مجزرة السابع من تشرين الأول/أكتوبر، من دون إجراء تسوية مع إسرائيل. هذا الهدف الأساسي هو تحرير السجناء والأسرى الأمنيين الفلسطينيين من السجون في "إسرائيل". وهنا، يتضح أن الطرفين الأساسيين في هذه الحرب، أي إسرائيل و"حماس"، لديهما الآن مصلحة كبيرة في إنهاء قضية المخطوفين والرهائن، بصورة إنسانية، ومن دون سفك المزيد من الدم. إن هذه المصلحة المشتركة والمروعة، يجب استغلالها، ويمكن استغلالها، من خلال صفقة تبادُل تتحقق عبر الوساطتين القطرية والمصرية، بضغط من الولايات المتحدة وحلفائها من خلف الكواليس.
- عموماً، يدور الحديث هنا عن حدث يقوم به كلُّ من "حماس"، والجهاد الإسلامي، والمنظمات والمجموعات المسلحة الأُخرى في غزة، بإطلاق سراح جميع الأسرى والرهائن الذين في قبضتهم، بما في ذلك الجثامين، وفي المقابل، وفي الوقت والمكان ذاته، تقوم إسرائيل بنقل عدد يتم تحديده، عدد كبير جداً، للأسف الشديد، من الأسرى الفلسطينيين. ستحصل "حماس"، في المقابل أيضاً، على دعم إنساني واسع يشمل الغذاء، والماء، والدواء، والمعدات الصحية، والمستشفيات الميدانية، والخيام، والملابس والمعدات الشخصية المناسبة للشتاء. وستأتي المساعدة عبر مصر، ويُحتمل أن تشمل المساعدات أيضاً كمية محدودة من الوقود، يتم تزويد المستشفيات بها على عدة دفعات.
مبادئ إضافية يجب أن تجري صفقة التبادل وفقاً لها:
- يجب التوضيح للوسطاء أنه يجب تنفيذ هذه الصفقة قبل دخول الجيش الإسرائيلي في مناورة برية كبيرة في القطاع. ويجب التوضيح للوسطاء، ولكلّ من "حماس" والجهاد الإسلامي، أن الجيش الإسرائيلي سينفّذ الاجتياح البري في أي حال، وعندها، ستتشدد إسرائيل بصورة كبيرة في شروط موافقتها على الصفقة، هذا إذا وافقت عليها أصلاً.
- يجب أن يشمل التبادل أبرا منغيستو وهشام السيد، وجثامين الجنديين هدار غولدن وشاؤول أورن، اللذين قُتلا في حملة "الجرف الصامد" في سنة 2014.
- تقوم إسرائيل بإطلاق سراح مئات السجناء الأمنيين، وفقاً لقائمة إسمية تقدمها "حماس". ولن تساوم إسرائيل على هوية الأسرى المحرَّرين، على الرغم من أنه من الواضح أن القائمة ستشمل "قتّلة" تلطخت أياديهم بدماء كثير. ومع ذلك، فإن إسرائيل لن تتخلى عن مطلبها بنقل كل أسير فلسطيني يُحرَّر في هذه الصفقة، إلى قطاع غزة، وألّا يُسمح له بمغادرة القطاع.
- بهدف تنفيذ الصفقة، سيتم إعلان وقف إطلاق نار إنساني بإشراف الأمم المتحدة، ويستمر ما بين 12 و24 ساعة.
- من أجل ضمان الشفافية للطرفين، ومنع عمليات الخداع والتحايل وتدخُّل جهات غريبة، سيتم إجراء التبادل في المنطقة المفتوحة الواقعة على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل. إن إجراء التبادل، عبر مصر، أو دولة ثالثة أُخرى، قد يؤدي إلى حدوث تأخير وسوء فهم، من شأنهما تعطيل هذا الإجراء الحساس. وترافق مجموعات المحرَّرين من الطرفين عناصر الصليب الأحمر.
- يمكن تنفيذ هذا المخطط بسرعة، فهو لا يتطلب مفاوضات طويلة، ويحمي المصالح الحيوية للمخطوفين وعائلاتهم، ولا يشكل تقييداً لأيادي الجيش الإسرائيلي، كما يتيح لكلٍّ من "حماس" والجهاد الإسلامي الادّعاء أنهما لم يركعا، ولم يشعرا بالإهانة. لا يمكن، وطبعاً، ليس من المرغوب فيه، سرد كافة الأسباب الداعية إلى تأييد صفقة التبادل المقترحة هنا، وتلك الداعية إلى رفضها. لكن هذا المخطط المتوازن يؤدي إلى حوافز قوية للجانبين، ولذا، فإن نجاحه ممكن التحقق.