معركة بنيامين نتنياهو الأخيرة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • إن تقصيراً أمنياً كبيراً إلى هذا الحد، يتطلب استخلاص دروس فوري، لكن لسبب ما، المطلوب حالياً تأجيل التحقيقات في كارثة "غلاف غزة" إلى يوم آخر. هذا خطأ. من الممكن انتظار لجنة التحقيق الرسمية واستقالة المسؤولين الرفيعي المستوى في نهاية القتال، لكن استخلاص الدروس الأولية ضروري لمنع كوارث إضافية في المستقبل.
  • سيفحص الجيش والشاباك الإخفاقات الاستخباراتية في التقديرات، وفي تحليل الوقائع. ليس لدى الجمهور وسيلة لمعرفة مَن كان على عِلم بذلك هناك، ومن لم يكن على عِلم، وكيف اتُّخذ قرار تخصيص 30 كتيبة للضفة الغربية، في مقابل 4 كتائب فقط لقطاع غزة. هناك تكهنات تتعلق بتركيبة الائتلاف الحالي المتطرف، لكن حتى لو كان لها أساس، فإن هذا لا يعفي المؤسسة الأمنية من تقديم إجابات بشأن سبب خفض القوات في فرقة غزة، وهشاشة خط الدفاع الأول. ويجب الآن استخلاص الدروس المتعلقة بالعقيدة الدفاعية، لأن الواقع في الجبهة الشمالية تغيّر بين ليلة وضحاها بصورة جذرية، وأيضاً في الضفة الغربية، ويمكن أن يحدث هذا في قطاعات أُخرى.
  • على الصعيد السياسي، استخلاص الدروس لا يقلّ أهمية. خلال الأعوام الأخيرة من حُكم بنيامين نتنياهو، شهدت الدولة أزمة سياسية خطِرة أضعفت مؤسساتها، بما فيها المؤسسة الأمنية. في جذور المشكلة، هناك نتنياهو المتهم الجنائي الذي يخوض صراعاً على البقاء، ويجرّ معه مؤيّديه وحزبه وشركاءه في اليمين، وفي الأحزاب الحريدية. وهو الذي حوّل كلّ مَن لا يقف إلى يمينه إلى عدو: المنظومة القضائية، والشرطة، وقسم من وسائل الإعلام، وقادة الأجهزة الأمنية، ومعارضو الانقلاب القضائي. في موازاة ذلك، حسّن وضع المتملقين من حوله - أشخاص تافهون وسيّئون وضعفاء، أوكل إليهم وظائف شديدة الأهمية. وكان لديهم مهمة واحدة: الدفاع عنه، ولو كان الثمن تدمير مؤسسات الدولة.
  • لقد نجح هؤلاء في مهمتهم، المؤسسات دُمّرت. وقادة الجيش والشاباك يتحملون المسؤولية الكبيرة عن التقصير، لكن لا يمكن لأيّ لجنة تحقيق أن تتجاهل الأجواء التي عمل فيها رئيس الأركان وقادة سلاح الجو ورئيس الشاباك في السنة الماضية. التحذيرات التي صدرت عنهم بشأن خطورة الوضع، وخطر أن يستغل العدو الشرخ الداخلي في إسرائيل للهجوم، وقعت على آذان صمّاء. حتى إن نتنياهو رفض استقبال رئيس الأركان قبل إقرار قانون إلغاء حجة المعقولية في الكنيست.
  • الدرس المباشر هو أن المتهم الجنائي يجب ألّا يكون رئيساً للحكومة، ومثلما حذّر نتنياهو سابقاً في حالة إيهود أولمرت، عندما قال: "هناك تخوّف من أن يتخذ قرارات مصيرية، بالاستناد إلى مصلحته الشخصية وبقائه السياسي، وليس استناداً إلى المصلحة الوطنية." حتى في هذه اللحظات، نتنياهو مشغول ببقائه السياسي، ولا يبدو أنه ينوي الاستقالة، أو تحمُّل المسؤولية عن الكارثة. أقلّ ما هو مطلوب منه هو ترك السياسة والعلاقات العامة وبقائه الشخصي، وتكريس طاقته كلها لإدارة الأزمة الأمنية الخطِرة. ولا يمكنه تأجيل التحقيقات والتوضيحات إلى يوم آخر، وفي الوقت عينه، يقوم بجمع مواد قبيل إنشاء لجنة التحقيق، والطلب من أنصاره مهاجمة كبار المسؤولين العسكريين.
  • هناك طريقة لإدارة هذه المعركة بصورة مهنية، من دون الاستقالة: الإعلان أنه سيستقيل في نهاية هذه المعركة. ومن المعقول الافتراض أن هذا هو القرار الذي توصل إليه كبار المسؤولين في الجيش والشاباك، الذين يفهمون مسؤوليتهم عن الكارثة في قرارة أنفسهم. من الصعب تخيُّل سيناريو ينجو فيه نتنياهو من هذه الكارثة، ويبقى رئيساً للحكومة. حتى قبل المذبحة في "غلاف غزة"، تراجعت شعبيته وشعبية حكومته بسبب أضرار الإصلاح القضائي. بعد أكثر من 1300 قتيل، ونحو 220 مخطوفاً، هذا يبدو أكثر وضوحاً. يبقى السؤال: كيف سيحدث هذا؟ ومتى سيدرك شركاؤه في حزبه، وفي الائتلاف، أنه تحول من رصيد إلى عبء.
 

المزيد ضمن العدد