ساعة الحرب تدق: نصر الله سمع التلعثم الأميركي والأوروبي، وعلى هذا الأساس تحدث
المصدر
مكور ريشون

صحيفة إسرائيلية يومية بدأت بالظهور في سنة 2007. تميل نحو مواقف اليمين وتؤيد نشاطات المستوطنين في الضفة الغربية، كما تعكس وجهة نظر المتدينين في إسرائيل.

المؤلف
  • ألقى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله خطاباً في يوم الجمعة لم يكن، بعكس التوجه السائد لدى المحللين، خطاباً انهزامياً، لا بل أبعد من ذلك.  كان خطاب التوترات. زعيم حزب الله يواجه منظومة من التوترات، تماماً مثل إسرائيل، وعبّر عنها في كلامه. من جهة، هناك رغبته في توسيع القتال في مواجهة إسرائيل من أجل مساعدة "حماس"؛ ومن جهة ثانية، الإدراك أن مثل هذه الخطوة يمكن أن يعرّض لبنان للخطر. لذلك، عرض في خطابه وجهة نظر وسطية، يُفهم منها أنه حتى الآن، لن يحرر الناصرة، لكنه لم يتخلّ أيضاً عن هذا الخيار.
  • في الميدان، يلعب نصر الله لعبة بوكر، تحت غطاء استمرار حرب الاستنزاف في الشمال، التي تتعامل مع منطقة الجليل كـ"غلاف لبنان" الذي يشبه "غلاف غزة". وهذا يعني أن لديه أوراقاً في جيبه من أجل إنهاء هذه الحرب بإنجاز. هذا الإنجاز، في نظره، سيكون في عجز إسرائيل عن القضاء على "حماس" وإبقاء معسكر المقاومة سالماً مع حلقاته المرتبطة برأس "الأفعى" في طهران.
  • لدى نصر الله أسباب تدعوه إلى تفاؤل حذر. مَن سمع خطاب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في نهاية الأسبوع، يتكون لديه انطباع بشأن حدوث بداية تغيير في الوضع، ليس لمصلحة إسرائيل تحديداً. لقد تحدث وزير الخارجية كثيراً عن المساعدات الإنسانية، وعن وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى كلام محرج عن السلام وحل الدولتين، وتعاطُفه الشخصي مع الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة.
  • هناك مَن يقول إن المقصود ضريبة كلامية فقط، موجهة إلى الجهات التقدمية في الحزب الديمقراطي. لكن يمكن التشكيك في هذه الحجة، فالانطباع أن ما جرى ليس مجرد استعراض. بل عبارة عن مواقف أولية تحدد الحزب الديمقراطي الأميركي، والرئيس بايدن أيضاً. مجموعة من التناقضات المتأصلة والعديد من "الاختصارات" الفكرية التي تقود الأميركيين إلى نوع من التناقض الداخلي: من ناحية، دعم القضاء على "حماس"، ومن جهة أُخرى، دعم قيام دولة فلسطينية، يمكن أن تؤدي إلى نشوء سيناريو شبيه بما حدث في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
  • إذا أضفنا إلى التلعثم الأميركي التظاهرات في أنحاء العالم، وخصوصاً في أوروبا (برلين ولندن وأوسلو وغيرها) تأييداً لـ"حماس"، نحصل على بداية نقطة التحول ضد مصلحة إسرائيل. لقد فهم نصر الله هذا الأمر عندما دعا إلى تجنيد أطراف إسلامية وغير إسلامية من أجل المعركة.
  • وهذا يوصلنا مباشرة إلى قلب التوتر الذي توجد فيه إسرائيل، بين الإدراك أنها بحاجة إلى وقت طويل "لتنظيف" غزة (ربما أشهر)، وبين الإدراك أن حرباً طويلة ستؤدي إلى تآكل مزدوج. الأول، هو تآكل في التفويض الدولي، بما فيه الأميركي، لاستمرار الحرب في غزة، وبصورة خاصة فيما يتعلق بالمحاولة الإسرائيلية، التي تبدو مرفوضة حتى الآن، في أن يكون حزب الله في المرحلة الثانية من الحرب هدفاً عسكرياً ضمن إطار المسعى لتغيير صورة الشرق الأوسط.
  • التآكل الثاني الذي لا يقل أهمية، هو في الساحة الداخلية الإسرائيلية. منذ الآن، تُسمع الانتقادات مجدداً ضد الحكومة ورئيسها والضغوط بشأن موضوع المخطوفين، بالإضافة إلى تجدُّد التظاهرات في ساحة كابلان [ساحة الاحتجاجات ضد الإصلاحات القضائية]. هذه الانتقادات سُمعت في بداية الحرب، وترافقت مع جهود لوضع استراتيجيا سياسية مقابِلة، أساسها: صفقة تبادُل أسرى تُنهي المعركة، وتعبّد الطريق نحو انتخابات وتغيير حكومي.
  • هذان العاملان يمكنهما تحويل الإرادة الوطنية والسعي للنصر إلى تراجُع وخسارة استراتيجية. وهذا يوصلنا إلى تصريحات رئيس الحكومة في يوم الجمعة. لقد كانت هذه التصريحات رداً على التحديات المركزية التي ذكرناها سابقاً، وعلى التوجه التراجعي المحتمل في الجهد الحربي الإسرائيلي.
  • لقد كانت الرسالة المركزية لرئيس الحكومة أن إسرائيل ستواصل اقتلاع "حماس" من غزة، وستواصل منع دخول الوقود الذي يغذي آلة الحرب لدى "حماس" وترفض وقف إطلاق نار إنساني، لا يشمل تحرير المخطوفين. هذه الرسالة، هدفها إعادة رسم الخطوط الحمراء لإسرائيل في معركتها الحالية، في مواجهة التلميحات والمؤشرات إلى تقويض هذه الخطوط من طرف الأعداء والأصدقاء، على حد سواء.
 

المزيد ضمن العدد