شهر على الحرب: تحويل الأنفاق في غزة إلى مصيدة موت، وضرورة صوغ واقع جديد على الحدود الشمالية
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- 30 يوماً مضت على بدء الحرب في غزة، والتي تتركز في الجنوب، لكنها تشمل جبهات أخرى. هذه هي صورة الوضع الحالي.
الجهد القتالي الأساسي في غزة
- المناورة البرية تستمر في التقدم جيداً. جميع المعارك، من دون استثناء، تنتهي بانتصار حاسم للجيش. الحرب ليست جولة في الحديقة - نحن ندفع أثماناً، وسنستمر في دفع أثمان باهظة، لكن يجب القول إن قواتنا البرية تعمل جيداً في غزة، وتقوم بتقشير خطوط الدفاع التابعة لـ"حماس"، الواحدة تلو الأُخرى. لا توجد طريقة لوقف الجيش، حتى لو لم يكن هذا واضحاً لقيادات "حماس". المقدم الذي مات، سلمان حبقة، يعكس جيداً تصميم قواتنا وشجاعتهم، لقد ذهب إلى الاشتباك، وجهاً لوجه، لإنقاذ المقاتلين وسقط في المعركة.
- الإنجاز الذي تم تحقيقه منذ الآن في المناورة البرية هو الإجابة عن السؤال والشكوك التي كانت تدور بشأن كفاءة قواتنا البرية. المعركة لم تنتهِ بعد، لكن منذ الآن، يمكن القول إنه لا يوجد شك في مهنية القوات وشجاعتها واندفاعها، هذا فخر لنا.
- استراتيجياً - نحن نخوض معركة في شمالي غزة والمدينة. إنها معركة واحدة فقط، والطريق إلى تحقيق أهداف الحرب كاملة سيكون فيها كثير من المعارك. لن تنتهي الحرب بعد نهاية المعركة الحالية، ستنتهي بالنصر. لا يوجد شك. لكن سيكون هناك مراحل أُخرى، وستكون مختلفة كلياً عن أي معركة وشكل آخر، سيكون هناك طرق أُخرى، وأيضاً مفاجآت لـ"حماس".
- من الواضح أن الطريق إلى النصر ستمر في المعالجة الجذرية لمنظومة حركة "حماس" التي بنَتها تحت الأرض. الآن، الأنفاق التي تُسمى "أنفاقاً دفاعية" تشكل تحدياً فعالاً. الحديث يدور حول شبكة من الأنفاق تحت الأرض تشكل مواقع قتال واتصال. هذه الأنفاق تربط ما بين مواقع القيادة وفتحات الخروج والهجوم وإطلاق النار. خلال المرحلة الحالية من القتال، ونحن في داخل منطقة مبنية، فإن هذا التحدي مركّب، لكننا نعرف كيفية التعامل معه:
- نحن نعرف أين توجد فتحات الأنفاق، لقد قصفنا أغلبيتها قبل عامين ونصف (قاموا بترميمها، لكنهم لم يغيّروا تخطيط النفق).
- نحن نهاجم الأنفاق من الجو، قبل الخروج والهجوم منها. عدد كبير من "المخربين" يتم دفنهم داخل الردم في الأنفاق.
- خروج "المخربين" من الفتحات متوقع. لذلك، فإن الجاهزية العملياتية للقوات، والرد السريع والقاتل، يؤديان إلى تعامُل أفضل كثيراً مع هذا التحدي.
- وهناك طرق أُخرى ومختلفة لتفكيك العدو الموجود تحت الأرض، من دون الدخول والقتال، وقد تكون مصيدة موت.
جبهة الشمال بعد خطاب نصر الله
- أنا لا أوصي بسياسة الانتقال من "التأهب" إلى "الاحتفال"، بعد خطاب نصر الله. يجب القول إن قرار وسائل الإعلام الإسرائيلية، عدم بث خطابه مباشرةً، هو قرار إيجابي. الأقوال أقل أهمية مما يجري على الأرض. وكما كتبت في مقالة سابقة، نحن في الشمال تحت مستوى الحرب، وفوق مستوى الاحتكاك. إنها معركة فعلية، حتى لو لم تكن حرباً في هذه المعركة، وحزب الله يجدد في الأيام الأخيرة، ويضيف أدوات جديدة، كما نُشر في وسائل الإعلام خبر استخدام قذيفة ذات وزن ثقيل، تم توجيهها إلى قواعد عسكرية، واستعمال طائرة مسيّرة انتحارية، ومن المؤكد أننا نتوقع تصعيداً آخر في القتال، حتى لو بدا أن حزب الله لا يريدها. على المجتمع الإسرائيلي أن يعرف - إسرائيل قادرة على إدارة معارك في أكثر من جبهة. على نصرالله أن يكون حذراً - إذا نجح أكثر مما يجب، فهذا سيؤدي إلى ضربة قاسية لم يشهدها لبنان سابقاً، وهو ما سيجرّ إلى خراب كامل لِما تبقى من هذه الدولة، ومن أجل ماذا ؟
- داخلياً، لا يوجد لدى نصر الله أي طريقة جيدة كي يشرح لماذا يضحي بلبنان من أجل غزة. ومن غير المجدي للإيرانيين خسارة حزب الله من أجل غزة. لكن مرة أُخرى - دينامية التصعيد غير المسيطَر عليه، لا تزال إمكانية واردة.
- على الصعيد الاستراتيجي، يجب بناء الحدود الشمالية الآن، وعدم انتظار اليوم التالي للحرب. كما يجب استغلال الوقت الحالي، بينما القتال لا يزال جارياً، بهدف صوغ واقع جديد هناك بأدوات عسكرية، وأُخرى سياسية أيضاً. من الواضح جداً أن انتشار حزب الله على الحدود كما كان عليه قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، لا يمكن أن يستمر. وكما كتبنا هنا، المرة تلو الأُخرى، إسرائيل قبل هذا "السبت الأسود" مختلفة عن إسرائيل ما بعده.
المحور الشيعي والدائرة الثانية
- توزيع المهمات بين الميليشيات الشيعية المدعومة والموجهة من إيران واضحة - عمليات في العراق وسورية ضد القوات الأميركية ومحاولات إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة من اليمن في اتجاه جنوب البلد. هذه العمليات لا تغيّر في استراتيجية الوضع، والإزعاجات من اليمن تحبطها، حتى الآن، أنظمة الدفاع السعودية والأميركية والإسرائيلية. إيران في هذه المرحلة، لا ترغب في الحرب الشاملة، لكنها في مسار تعلُّم دائم، ونتوقع تحديات جديدة مع استمرار المعركة في غزة. يجب أن نتذكر أن زعزعة استقرار المدن السّنية لا تزال هدفاً للنظام الإيراني، كجزء من العمليات ضد احتمالات، أو فكرة التطبيع مع إسرائيل.
الساحة الدولية - روسيا والصين
- الدولتان تستغلان الفرصة لدفع الولايات المتحدة خارجاً، عبر زعزعة فكرة التطبيع ووضع العصي في دواليب الأميركيين، في محاولة لخلق واقع جديد في الشرق الأوسط. يجب الانتباه إلى أنه في مقابل الدعم الأميركي غير المسبوق لإسرائيل، فإننا نشهد دعماً غير مسبوق أيضاً من روسيا والصين لـ"حماس".
- يجب أن نفهم أن هذه الحرب هي جزء من تسريع المنافسة بين القوى العظمى على الهيمنة على الشرق الأوسط. الولايات المتحدة كانت أول من ردّ بالدعم لإسرائيل من دون تحفُّظ، وليس على مستوى الإعلان فقط - إلاّ إن روسيا والصين غير معنيتين بترك المعركة، وبصورة خاصة روسيا. هذه فرصة لنتذكّر مرة أُخرى من هي صديقتنا الأهم التي يمكننا الاعتماد عليها في أوقات الطوارئ، وأن نزيل عن الطاولة أفكاراً مختلفة وغريبة كانت تُطرح سابقاً بشأن تنويع الاعتماد على القوى العظمى. وحتى قبل الحرب وبعدها - إسرائيل لا تستطيع الجلوس جانباً في المعركة بين المحاور. يجب أن يكون واضحاً للجميع أين تقف دولة إسرائيل.