رحيل نتنياهو سيمثل صورة انتصار للمجتمع الإسرائيلي
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • يُكثر السياسيون والمعلّقون في هذه الأيام من الحديث عن حاجتنا إلى صورة نصر في هذه الحرب المصيرية في غزة، وعن الاختلافات بشأن سمات تلك الصورة، وأريد هنا أن أقترح، كإضافة مستقلة إلى هذا الحوار، مسألة صورة الانتصار الأخلاقي للمجتمع الإسرائيلي، وهو ما سينبئ بوجود براعم الثورة الداخلية التي نأمل أن تنتهي بنجاح، ومن دون خسائر في الأرواح.
  • يمكن لنا أن نطلق على هذه الصورة اسم "انتهاء عصر الإبادة المتبادلة المضمونة"، وهو مصطلح تعود أصوله إلى سباق التسلح المرعب الذي جرى بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. إذ، بعد 4 أعوام على إلقاء القنبلة النووية على اليابان في صيف 1945، أجرى الاتحاد السوفياتي تجربة نووية، ومنذ ذلك الحين، خضعت القوتان العظميان إلى توازن مستمر من الرعب: كان الافتراض والأمل في ألّا تشن الواحدة هجوماً نووياً على الأُخرى، لأن ذلك سيعني ردة فعل مضادة ستقضي على الجميع.
  • على النقيض من ذلك، المجتمع الإسرائيلي الذي شهد سيرورات استقطابية على مدار الأعوام الماضية، تدهور في الأشهر الأخيرة قبيل حرب غزة، إلى حالة نفسية مشابهة لِما حدث بين الروس والأميركيين. كان الافتراض الواعي وغير الواعي لدى كلا المعسكرَين الإسرائيليَين أن الطرف الآخر يعتزم محوه. لا تغييره، ولا إصلاحه، بل محو قيمه الأساسية. لا أعلم ما إذا كانت هذه السيرورة المدمرة ستتوقف، وإن كنا لا نزال في مرحلة تتيح لنا "إعادة الصواريخ إلى مرابضها"، ولذا، فإن صورة النصر للمرحلة التي ما بعد الحرب في غزة، يجب أن تكون النقيض المطلق للانفجار المحتمل الذي تحدثت عنه.
  • ما الذي ستكون عليه تلك الصورة؟ من المفهوم أن طموحنا إلى التوحد ليس كافياً، فهناك مَن أصابهم الرعب من تضرُّر مصالحهم الوجودية بمجرد دعوتهم إلى الوحدة. يبدو لي أن الأمر يجب أن يرتبط بتخلّي البعض عن تمسّكهم الاستحواذي بالسلطة. لقد شعر كثيرون من الناس بأنهم يلائمون أي منصب رسمي متوفر. وبعض هؤلاء، حتى أولئك الذين يفيضون ثقة بالنفس، تعلموا من تجاربهم الشخصية كم هو صعب أن يكون المرء قادراً على التوصل إلى موقف عاقل وموزون في المواقف الوطنية المعقدة.
  • إن السعي غير المحدود للسلطة والسيطرة، يمكنه أن يحظى بتوازن معين من جانب الشخصية المركزية السياسية في العقود الأخيرة في إسرائيل، أي رئيس الوزراء نتنياهو. إن الطريقة التي سيختارها نتنياهو لإنهاء دوره في الحياة العامة، سيكون لها الأثر الأكبر في الصورة الاجتماعية الجديدة التي ستحل محل رؤية الإبادة المتبادلة. فهو الذي يتوجب عليه إيقاف عملية التدمير، حتى لو كان يعتقد أنه على حق.
  • سيكون لزاماً على هذا الرجل التغلب على رغباته، وأن يرسم بنفسه حدوداً بين الطموحات السياسية المشروعة وبين التعامل مع المنصب، بصفته القيمة الأسمى. ومن أجل اتخاذ مثل هذه الخطوة، يجب أن تساعده جميع الجهات القضائية والسياسية التي ستكون مطالبة بالتصرف برباطة جأش ومسؤولية. ويجب على نتنياهو أن يعلن أنه سيقوم بتمرير رئاسة الحكومة بصورة منتظمة إلى أحد أعضاء الليكود الذي يتم اختياره لهذا المنصب، كي يتولى منصب رئاسة الوزراء حتى موعد متفق عليه لإجراء انتخابات مبكرة في الكنيست. ثم يجب إغلاق جميع الملفات القضائية الموجهة ضد رئيس الحكومة المنتهية ولايته، ويعلن نتنياهو، في رسالة خطية، أنه حرصاً على شعبه وبلاده، سيستقيل من الحياة السياسية من دون عودة، وهو بذلك يسعى لترسيم بداية حقبة جديدة من الأولويات والمسؤولية القيادية.
  • أُدرك أن كثيرين سيتعاملون بكثير من السخرية والانتقاد مع مثل هذا الإعلان، وللأسف الشديد، فإن لهؤلاء ما يستندون إليه في سخريتهم ونقدهم. لكننا جميعاً مطالبون الآن بضبط النفس الاستثنائي الذي يجب أن يعبّر، ولو قليلاً، عن تقديرنا لجنود الجيش الإسرائيلي الذين يضحّون بحياتهم في الحرب. في هذه الحرب، في هذا الحدث المؤسس في تاريخنا، يمكن لنا أن نحقق صورة انتصارنا على سيرورات التدمير الداخلي، وربما في أعقاب ذلك، يمكننا رؤية صورة انتصار ثانية تتمثل في التوافق الوطني الواسع إزاء القضايا الأساسية التي ينقسم المجتمع الإسرائيلي حولها، على غرار قضايا الدين والدولة، مسألة الفلسطينيين، التجنيد للجيش، والمنظومة القضائية.
 

المزيد ضمن العدد