الانفجار المدمر في القطاع يستوجب إجراء فحص، وربما تغييراً في الإجراءات
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • كان يوم أمس (الاثنين) اليوم الأكثر دمويةً منذ بداية المناورة العسكرية داخل القطاع، وبطريقة لا تخلو من المفارقة، فإن الحادثتين اللتين وقعتا في أثناء قتال نشِط مع العدو، تُظهران إلى أي مدى كانت هذه المناورة ضرورية. لن يكون في وسع سكان منطقة النقب الغربي العودة إلى منازلهم، إن لم يستكمل الجيش عملية تفكيك المنظومة "الإرهابية" في القطاع، فوق الأرض وتحتها، وهي منظومة بُنيت على مدار 15 عاماً، وكلها موجهة نحو قتل مواطني إسرائيل، وتخريب البلدات، وتدمير اقتصاد الدولة.
  • قُتل في الحادثة الأولى ثلاثة من ضباط لواء المظليين، في حين أصيب مقاتلان بجروح خطِرة، خلال الهجوم الذي لا يزال جارياً على منشآت تابعة "للمخربين" في مخيم يقع غربي خان يونس. يوجد هناك أحد المواقع القيادية التابعة لجيش "حماس الإرهابي"، والذي تم تحييده، وكان من المفترض أن يتحقق هدفان: دفع السنوار والضيف إلى الدخول في صفقة معقولة للتبادل، وتفكيك البنية التحتية العسكرية الخطِرة التي تهدد دولة إسرائيل. وهكذا، فإن الضباط المظليين الثلاثة الذين قُتلوا نتيجة إصابتهم بمضاد للدروع، لم يذهب موتهم عبثاً.
  • أمّا ملابسات مقتل 21 جندي احتياط، بعد بضع ساعات على تلك الحادثة، فهي أقل وضوحاً. من الواضح، ظاهرياً، أن عملهم لم يكن عملاً هجومياً، بل دفاعياً في أساسه. لقد اهتم عناصر الاحتياط بتمشيط المنطقة لتحويلها إلى حزام أمني بين حدود القطاع وضواحيه. أمّا النقطة التي وقع فيها الانفجار الكارثي، فتقع على مسافة 600 متر من الحدود، وعلى بُعد نحو كيلومتر عن كيبوتس "كيسوفيم". كان يمكن لمقاتلي "حماس"، من داخل المنازل الغزية التي كان جنود الاحتياط يعالجونها، أن يطلقوا رصاص القنص أو القذائف المضادة للدروع وقنابل الهاون من دون أي إزعاج.
  • الأهم هنا هو أن ندرك أن عدونا الحمساوي لا يزال موجوداً هناك. بتنا نعرف ذلك لأن ما أطلق سلسلة الأحداث كان صاروخ RPG أصاب دبابة كانت تعمل على تقديم الحماية للقوة المقاتلة. قام أحد عناصر "حماس"، الذين اختفوا في المباني أو الخرائب، بإطلاق الصاروخ الذي أصاب الدبابة وقتل مقاتلَين من سلاح المدرعات، وأسقط اثنين آخرَين جرحى.
  • كانت القوة الإسرائيلية، في أغلبيتها، داخل مبنَيين لصيقَين، يشرفان على الحدود، وتقوم بالتحضير لنسفهما بواسطة الألغام. تم زرع هذه الألغام في مواضع مهمة، من شأنها التسبب بانهيار المباني، كي لا يتم استخدامها كنقاط لإطلاق النار، أو الاختباء. ولذا، كان من الضروري أن يتم بشكل متزامن تفجير الألغام الموصولة فيما بينها بفتيل مدمدم. لقد كان من المفترض أن يتم التفجير بواسطة صاعق يبادر إلى إطلاق سلسلة التفجيرات بعد قيام جميع المقاتلين بإخلاء المبنيَين.
  • الانفجار الذي أودى بحياة 19 جندي احتياط داخل المبنيَين وقع بعد دقائق، وربما بعد ثوانٍ من إصابة صاروخ الـ RPG الدبابة التي تقوم بالتغطية. هناك مَن يفترض أن مقاتلي "حماس" أطلقوا صاروخ RPG إضافياً في اتجاه المباني. بعد أن انتظروا موعد انتهاء عملية التحضير لتفجير المبنيَين، أي في المرحلة الأخيرة من التفخيخ، بعد أن صارت جميع الألغام مربوطة ببعضها البعض. عندما يتم تفجير أحد الألغام، فإنها تنفجر جميعها. يوجد في داخل كل لغم حشوة صغيرة من مادة متفجرة حساسة يُطلق عليها في اللغة العسكرية اسم "المسرّع"، وهي تؤدي إلى تفجير الحشوة الأُخرى المتفجرة الأقل حساسية، التي تملأ اللغم. هناك احتمال معقول جداً، مفاده أن صاروخ الـ RPG الذي تم إطلاقه من الخارج شغل إحدى الحشوات المسرّعة، وأدى إلى تفجير جميع الألغام.
  • هناك أيضاً مَن يفترض أن ما حدث كان نتيجة "حادثة عمل" ارتكبها الذين قاموا بتحضير المبنى لنسفه، كما يوجد كثير من الاحتمالات الأُخرى، ولكي ندرك ما الذي حدث هناك فعلاً، نحن بحاجة إلى استخلاص العبر، لأن هذه المرة الثانية التي تحدث فيها حادثة تفجير حشوات جاهزة للتفجير، بصورة مفاجئة، من دون أن يكون المقاتلون هم الذين فجّروها (كانت المرة السابقة نتيجة إطلاق دبابة في مخيم البريج قذيفة أدت إلى سقوط عمود كهرباء على شبكة ألغام جاهزة لتفجير نفق إرهابي).
  • يبدو أنه يمكن، منذ الآن، استخلاص درس رئيسي واحد، وهو أنه عندما تكون الألغام، أو الحشوات الناسفة الأُخرى، مربوطة ببعضها البعض، وجاهزة للانفجار، فيجب على كلّ مَن لا يشارك بصورة مباشرة في المراحل النهائية من الاستعدادات إخلاء الموقع المراد نسفه. حتى لو كان الثمن إبطاء العمل والتحضيرات، ويجب ألّا يكون في محيط المبنى أو في داخله سوى اثنين، أو ثلاثة من الفنيين في سلاح الهندسة، من وحدة "يهلوم". وهكذا يصبح في الإمكان تقليص الخسائر في حال وقوع حادثة، أو هجوم من العدو.
  • هناك مَن سيتساءل عن ضرورة نسف مثل هذه المباني يدوياً، وليس بقصف جوي. الإجابة هنا هي أن الهجوم من الجو لا ينجز، في الأغلب، تسوية المبنى بالأرض، بل يترك فيها فراغات، أو جدراناً يمكن "للمخربين" استخدامها للاختباء. إن المباني الواقعة في "المنطقة الأمنية"، التي من المفترض أن تظل خالية لحماية بلدات النقب الغربي، وإبعاد "المخربين" عن الجدار الحدودي، يجب أن تكون منسوفة بصورة محسوبة، بحيث لا يبقى فيها مكان للاختباء.
  • وفي أي حال، وكما أسلفنا، هناك حاجة إلى إجراء تحقيق، وبعده عملية استخلاص عبَر سريعة من هذه الحادثة، ومن حادثة نسف نفق البريج قبل أسبوعين، حيث قُتل في هاتين الحادثتين عدد كبير من المقاتلين، سواء من سلاح الهندسة، أو وحدات الاحتياط التابعة لسلاح المدرعات، أو الذراع البرية التي تقدم خدمة الإسناد لفنّيي سلاح الهندسة.
  • إن يوماً دامياً، على غرار يوم أمس في غزة، يمكن أن يقوض الشرعية التي يمنحها الجمهور الإسرائيلي للحرب، وهذا أمر يجب أخذه بعين الاعتبار أيضاً عندما يُتخذ قرار باستخدام أطنان كبيرة من المتفجرات، في مواقع قريبة من مقاتلينا. علينا أن نتأكد من أن الجندي الذي لا يُعتبر وجوده ضرورياً في موقع التفجير، سيترك المكان، وأن مَن يعمل بصورة مباشرة في تحضير الانفجار، سيكون خبيراً في هذا المجال، وأن الربط بين الحشوات بواسطة فتيل مدمدم، أو وسائل أُخرى رابطة بين الحشوات أو الألغام، سيجري فقط في اللحظة الأخيرة، بعد مغادرة أغلبية المقاتلين الموقع. إن مأساة فقدان 21 من مقاتلي الاحتياط في نشاط دفاعي في أساسه، لن تذهب هدراً، إذا ما استخلصنا العبر، وغيّرنا الإجراءات التوجيهية بصورة تحول دون وقوع كوارث أُخرى.
 

المزيد ضمن العدد