اليمين يحاول تبرير استمرار القتال في غزة، لكن محنة المخطوفين تؤثر في الجمهور
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • الكارثة التي أودت بحياة 21 جندياً من الاحتياطيين في الأول من أمس هي جزء من يوم دموي وأسود، سيُضاف إلى حجج اليمين بضرورة استمرار القتال في قطاع غزة. وزير الدفاع يوآف غالانت قال إن "سقوط المقاتلين يفرض علينا تحقيق أهداف الحرب"، وبذلك لخّص حجج اليمين. كما يواصل ممثلو اليمين تكرار الرسالة التي تقول إن استمرار الحرب هو ضرورة جوهرية من أجل أمن إسرائيل ومواطنيها، والعملية الهجومية في خانيونس، والتي بدأت في الأيام الأخيرة، هي المضمون الفعلي لهذا الكلام.
  • لكن على الرغم من العملية في خانيونس، وهي الأهم منذ انتقال الجيش الإسرائيلي إلى المرحلة الثالثة من القتال، والخطاب العالي النبرة في الحكومة، هناك أيضاً حركة مدنية معارِضة لاستمرار القتال.  وفي الواقع، إن ازدياد الوعي بشأن الجحيم الذي يعيشه المخطوفون، وازدياد التعاطف مع عائلاتهم، وكذلك استمرار الحديث العام عن الأثمان الباهظةـ كل ذلك يمكن بالتأكيد أن يقوي هذه الحركة، ولا يمكن ألّا تتسلل إلى داخل الحكومة، حتى لو كان من الصعب في هذه المرحلة فهم حجم قوتها.
  • بحسب مصدر في الحكومة، هناك أغلبية تؤيد هدنة طويلة من أجل إنهاء مسألة المخطوفين. أمس، قال وسيط مصري إن "حماس" رفضت اقتراحاً إسرائيلياً بشأن هدنة لمدة شهرين. ومن غير المستبعد أن تنقل إسرائيل اقتراحات أفضل إلى "حماس" من خلال قنوات إعلامية فُتحت وكثُرت في الأيام الأخيرة. لكن بعد المقابلة الأخيرة لغادي أيزنكوت في الأسبوع الماضي، والتي قال فيها إن حكومة الطوارىء على حافة الانفجار بسبب الصدامات بين مواصلة القتال وإنقاذ المخطوفين، يبدو أن الوضع الفعلي داخل الحكومة أقل دراماتيكيةً مما يوصف.
  • وزراء المعسكر الرسمي، بمن فيهم أيزنكوت، لن يذهبوا إلى مكان آخر. وفي رأي مصدر مطّلع على ما يجري في الكابينيت، فإن "الفجوات أقل مما تبدو"، والكل تقريباً مع الهدنة حتى بأثمان مؤلمة، وفي إطار صفقة. المسألة لم تعد هنا، "حماس" ترفض ما نوافق عليه، لكن الحوار لا يزال مستمراً.
  • لا تزال هناك أغلبية وسط الجمهور الإسرائيلي تؤيد استمرار القتال، لكنها اليوم تسير على خيط رفيع، وتعتمد إلى حد بعيد على إنكار التباين بشأن الاستمرار في الحرب وبين إنقاذ المخطوفين. وكلما جرى الكشف عن شهادات مخيفة عن التعذيب الجسدي والنفسي الذي تعانيه المخطوفات والمخطوفون، وكلما مرّ الوقت واتضح أن القتال لا يساعد على إعادة المخطوفين، فإنه من المحتمل أن تتلاشى هذه الأغلبية.
  • محنة المخطوفين وعائلاتهم تُلقي بثقلها، أكثر فأكثر، على رسائل اليمين، ومن المنتظر في المستقبل القريب أن تزيل هذه المحنة مجال الإنكار (وأساسه قناعة ذاتية بأن القتال يساعد على إعادة المخطوفين، لا العكس)، وأن تحطم الكبت الاجتماعي المتفجر الناتج من التخلي عن المخطوفين وعائلاتهم. إن الصراع على الرأي العام في هذا الموضوع هو من أكثر الصراعات أهميةً ودراماتيكيةً، والتي يشهدها المجتمع الإسرائيلي، وهذا الصراع هو الذي سيقرر، ليس فقط مستقبل الحرب، بل سيبلور أيضاً وجه الزعامة المقبلة في إسرائيل.
  • "قضية المخطوفين ستحسم الأمر في النهاية"، يقول وزير في الليكود إن "المزاج السائد يميل نحو استعادتهم. ويعلمون في الكابينيت أن عليهم حسم الأمر، وعلى ما يبدو، أن العملية في خانيونس هي محاولة للتوصل إلى هذا الحسم".
  • بعد إنجاز المهمة في خانيونس، ستكون الأهداف التالية في غزة، "تطهير" رفح ومحور فيلادلفي من وجود "حماس"، وهذه الأهداف من الصعب جداً تنفيذها بسبب الكثافة السكانية في المنطقة، وأيضاً بسبب المعارضة المصرية الشديدة. ومن غير المستبعد أن تكون العملية في خانيونس العملية العنيفة الأخيرة للجيش الإسرائيلي، على الأقل في المستقبل المنظور.
  • في ضوء هذه المصاعب، من المحتمل أن تستغل الحكومة نافذة الفرصة التي فُتحت أمامها، وأن تتقدم في مسار الصفقة التي ستشمل هدناً مهمة على أمل أن يكون هذا كافياً أيضاً بالنسبة إلى حزب الله للنزول عن شجرة هجماته. من الصعب أن تقنع هذه الخطوة النازحين من جنوب إسرائيل وشمالها بالعودة إلى منازلهم، لكنها على الأقل، ستُنهي معاناة المخطوفين، وهي بعكس قضايا، مثل إقامة دولة فلسطينية، فإن هذه الصفقة لن تكون سبباً للحملة ضد بنيامين نتنياهو الذي خسر ثقة اليمين العميق منذ زمن طويل.
  • المشكلة هي أنه إلى أن تنضج كل هذه التفاهمات وتتحول إلى خطوات على الأرض، فإن الوقت، بالنسبة إلى المخطوفين في أنفاق الجحيم، يمكن أن ينفد.
 

المزيد ضمن العدد