بطاقة حمراء من شركة موديز لإسرائيل

فصول من كتاب دليل اسرائيل

المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

  • قبل 36 عاماً، أُدرجت إسرائيل بين الدول المصنفة اقتصادياً من أهم شركة تصنيف في العالم، شركة موديز، ومنذ ذلك الحين، تقدم تصنيف الاقتصاد الإسرائيلي وتحسّن، ولم يتراجع قط. في 8/2/2024، أعلنت شركة موديز خفض تصنيف إسرائيل، وتوقعت تنبؤات سلبية للمستقبل (negative outlook)، أي إن هذا التصنيف يمكن أن يتراجع في المستقبل غير البعيد. وهذا يشكل ضربة قوية للمجال الاقتصادي، لأننا نعيش في عالم لا يفرّق بين الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تتضافر كلها معاً لتحديد مصير الدولة.
  • وفي الواقع، لا يتطرق تقرير موديز إلى الحرب وتداعياتها الاقتصادية فقط، بل تطرّق أيضاً إلى جوانب أُخرى خلقت معاً صورة سلبية أدت إلى القرار، وهي: عدم وجود أفق سياسي، أو خطة واضحة لـ"اليوم التالي"؛ البرودة التي تعاملت بها إسرائيل مع اقتراح الولايات المتحدة ودول معتدلة في المنطقة بشأن "صفقة كبيرة"، تشمل التطبيع مع السعودية؛ عدم الاستقرار السياسي، وخصوصاً مع السقوط المتوقع لكابينيت الحكومة، المترافق مع تجدُّد الاستقطاب السياسي والاضطرابات الاجتماعية؛ ضُعف مؤسسات الدولة، وبصورة خاصة ضُعف المنظومتَين التنفيذية والقضائية؛ كل هذه الأمور التي أُشيرَ إليها علناً في التقرير، تزيد في حالة عدم اليقين والمخاطر الناجمة عن ذلك، وتطرح شكوكاً في قدرة إسرائيل على التعافي من الورطة التي وقعت فيها.
  • من جهة ثانية، يثني التقرير على حصانة الاقتصاد الإسرائيلي، واستقلالية المنظومة القضائية والمحكمة العليا التي منعت، مع المجتمع المدني، الإصلاحات القضائية، كما أثنى على سياسة بنك إسرائيل بشأن استقرار منظومة المصارف (تجدر الإشارة إلى أن كل هذه الأمور كانت تُستخدم ككيس ملاكمة في المجال السياسي).
  • دلالة خفض تصنيف الاقتصاد الإسرائيلي تُعتبر خطِرة جداً، لأن ارتفاع المخاطر سيؤدي إلى ارتفاع الفوائد على ديون الدولة (وعلى الرغم من أن هذا حدث فعلاً جزئياً، فإن التخفيض يجعله أكثر حدةً)، لذلك، سيأخذ دفع الفوائد حصة كبيرة من ميزانية الدولة على حساب الميزانيات الأُخرى، مثل الأمن والتعليم والصحة. علاوةً على ذلك، ستدفع الشركات الإسرائيلية فوائد أكبر على قروضها، وخصوصاً تلك التي تعمل في الأسواق الدولية. لذلك، فإن تخفيض التصنيف له تداعيات اقتصادية حقيقية، ويضرّ برفاه الجميع.
  • ويعبّر التقرير عن تخوفه الكبير إزاء الجبهة الشمالية، ويستشهد بتقديرات وزارة المال بشأن حدوث انكماش في الناتج القومي يقدَّر بـ1.5% (المقصود نموّ سلبي) في حال اندلاع حرب في مواجهة حزب الله، ويحذّر من العواقب الوخيمة لمثل هذا السيناريو.
  • من المهم الإشارة إلى أن شركات التصنيف تتابع بصورة يومية، وعن كثب، ما يجري هنا، ليس فقط من الناحية الاقتصادية، بل أيضاً من كل الجوانب التي تؤثر في الاقتصاد، لذلك، لا يمكن إخفاء الصورة، أو تغطيتها. وبهذا المعنى، فإن هذه التقارير تُستخدم كمرآة تعكس الواقع الإسرائيلي من دون تجميل، ومن دون حذلقة، وهكذا يُنظَر إليها في العالم. وهذا يؤثر في لاعبين اقتصاديين يترددون حيال بدائل الاستثمار في دول أُخرى، ومؤخراً، فوجئوا بصورة سلبية بما يحدث في إسرائيل.
  • من الأفضل أن نتعامل مع هذه الصورة بالجدية المطلوبة، وأن نأخذها في الحسبان عندما نتخذ قرارات ذات وزن بشأن الخطوات المقبلة. يجب ألّا يشكل الاعتبار الاقتصادي اعتباراً حاسماً في مواجهة الاعتبار الأمني، لكن ممنوع تغييبه عن النقاش لأننا نريد فقط أن ننتصر (بغض النظر عن محتوى هذا النصر)، ولأننا نريد أن نعيش حياة مزدهرة ونوعية في اليوم التالي له.
 

المزيد ضمن العدد