حثّ محافظ بنك إسرائيل أمير يارون الحكومة الإسرائيلية على معالجة أولويات الميزانية والقضايا الاقتصادية، بعد أن خفّضت وكالة التصنيف الائتماني الأميركية "موديز" التصنيف الائتماني لإسرائيل في نهاية الأسبوع.
وشدّد يارون في بيان صادر عنه أمس (الأحد)، على أن الحكومة والكنيست بحاجة إلى التحرك لمعالجة القضايا الاقتصادية التي أثيرت في تقرير "موديز"، والتي أدت إلى خفض التصنيف الائتماني، وذلك من أجل تعزيز واستعادة ثقة الأسواق وشركات التصنيف الائتماني بالاقتصاد الإسرائيلي.
وأشار يارون إلى أن أسباب خفض "موديز" التصنيف الائتماني لإسرائيل هي عدم اليقين بشأن توقيت الحرب على قطاع غزة وطريقة نهايتها، وتأثير الحرب في استعداد الحكومة والكنيست للتعامل مع القضايا الاقتصادية والاجتماعية الأساسية والتغيير في الوضع المالي.
وأكد يارون أن بنك إسرائيل قدّم إلى الحكومة عدداً من الطرق للعمل على موازنة الزيادة في النفقات الأمنية والمدنية الناتجة من الحرب ضد حركة "حماس" في قطاع غزة، بما في ذلك إعادة بناء البلدات التي دمرتها الحرب في جنوب البلد على طول حدود غزة، وزيادة في نفقات فوائد الديون الحكومية. كما دعا البنك إلى إجراء تعديلات في ميزانية الدولة العامة لسنة 2024 من خلال خفض جميع النفقات غير المتعلقة بالحرب وإلغاء الوزارات التي تُعتبر غير ضرورية، مع التركيز على الإنفاق الذي يدفع قدماً بالنمو الاقتصادي.
وأشار يارون في الوقت نفسه إلى أن الثقة بالاقتصاد الإسرائيلي لن تنعدم، لكونها متجذرةً في أساسيات اقتصادية قوية وصحية، ولأن الاقتصاد الإسرائيلي يُعدّ رائداً في مجالات الابتكار والتكنولوجيا على المستوى العالمي.
من ناحية أُخرى، تبين أمس أنه رداً على خطوة "موديز"، انخفض مؤشر TA-125 في بورصة تل أبيب ومؤشر TA-35 للشركات الكبرى بأكثر من 1% في التعاملات الصباحية. وانخفض مؤشر TA لأكبر خمسة بنوك بنسبة 1.9%، وانخفض مؤشر TA للتأمين والخدمات المالية بنسبة 1.5%.
وقال يانيف باغوت، رئيس التداول في بورصة تل أبيب: "لا بد من الإشارة إلى أن السوق المالية المحلية توقعت خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، لكن ما لم تتوقعه هو التوقعات السلبية المصاحبة". وأضاف: "إن البطاقة الصفراء [التحذير] التي حصلت عليها إسرائيل كجزء من خفض التصنيف تُلزم الحكومة اتخاذ خطوات عاجلة لمنع حدوث تأثير كرة الثلج لمزيد من التخفيض في المستقبل. وهذا يتطلب قرارات حاسمة من طرف الحكومة لتغيير في الإدارة المالية، بما في ذلك التخفيضات المالية واتخاذ خطوات لتشجيع النمو والنهوض بالاقتصاد. وإلا فإننا سنكون في مكان غير مريح أكثر من ذلك بكثير".
يُذكر أن الحكومة الإسرائيلية سبق أن واجهت انتقادات لفشلها في تغيير أولويات التمويل في ميزانية 2024، والتي تهدف إلى تمويل الحرب، وتنتظر الموافقة النهائية عليها في الكنيست. واختارت الحكومة إجراء تخفيضات شاملة بدلاً من إلغاء وزارات تُعتبر غير ضرورية، وتركت أموالاً متاحة لحلفاء بموجب اتفاقيات تم التوصل إليها في المحادثات الائتلافية. وتعرضت أحزاب اليهود الحريديم [المتشددون دينياً]، على وجه الخصوص، لانتقادات بسبب مواصلتها الإصرار على الحصول على الأموال لتمويل معاهد تعليمية لا تلبي متطلبات المناهج الأساسية.
وكانت وكالة "موديز" الأميركية خفضت في نهاية الأسبوع الماضي التصنيف الائتماني لإسرائيل بدرجة واحدة، من A1 إلى A2بسبب تأثير الحرب المستمرة التي تشنها على حركة "حماس" في قطاع غزة منذ يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وهذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها إسرائيل تخفيضاً في تصنيفها الائتماني. وكانت "موديز" وضعت تصنيف إسرائيل الائتماني تحت المراقبة يوم 19 تشرين الأول/أكتوبر، أي بعد 12 يوماً من اندلاع الحرب.
وفي تقريرها، انتقدت وكالة "موديز" الحكومة الإسرائيلية لرفضها أي خطط بعيدة المدى لليوم الذي يلي الحرب، والتي يمكن أن تساهم في تحسين الأمن لإسرائيل، وتقود الاقتصاد الإسرائيلي إلى طريق الانتعاش.
وقالت الوكالة إنها ستعمل على تثبيت التوقعات الائتمانية لإسرائيل إذا كان هناك دليل على أن المؤسسات الإسرائيلية قادرة على صوغ سياسات تدعم انتعاش الاقتصاد والمالية العامة واستعادة الأمن في أثناء التعامل مع مجموعة واسعة من أولويات السياسة العامة.
وجاء بيان محافظ بنك إسرائيل يارون وسط ردات فعل خافتة من طرف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير المال بتسلئيل سموتريتش، على قرار "موديز"، إذ أكد كلاهما أن الاقتصاد الإسرائيلي قوي، من دون أن يُظهرا أي إشارة، كما يبدو، إلى أن الحكومة تنوي اتخاذ أي خطوة لتغيير مسارها.
وقال نتنياهو إن خفض التصنيف لا علاقة له بالاقتصاد، وزعم أنه يرجع بالكامل إلى حقيقة أن إسرائيل في خضم حرب. أما سموتريتش فرفض تقييم "موديز"، معتبراً إياه بياناً سياسياً يستند إلى وجهة نظر جيوسياسية متشائمة، ولا أساس لها من الصحة.