هل نحن في الطريق إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين إيران وإسرائيل؟
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • إسرائيل وإيران لم تكونا قريبتَين إلى هذا الحد من مواجهة عسكرية مباشرة بينهما من قبل، على الأقل منذ الحديث الذي كان يدور في إسرائيل قبل أكثر من 10 أعوام بشأن إمكان ضرب المواقع النووية في إيران. كما أن اغتيال قائد الحرس الثوري في سورية ولبنان في دمشق، حسن مهدوي، والذي يُنسب إلى إسرائيل، يقرّب الدولتَين إلى مواجهة كهذه. وبسبب التهديدات في الأيام الماضية من جانب مسؤولين إيرانيين انتقاماً من أجل العملية في دمشق، أشك في أنه من الممكن منع رد إيراني حاد وغير مسبوق ضد إسرائيل.
  • لا يمكن تفسير أقوال القائد الأعلى لإيران في خطابه خلال عيد الفطر، والذي يقول إن إسرائيل أخطأت في اعتدائها على دمشق وعليها أن تُعاقب على ذلك، إلاّ كإشارة واضحة إلى تصميم إيران على الرد. إذاً، فإن السؤال المركزي الآن ليس بشأن نية إيران الرد، إنما هو بشأن الشكل الذي ستقوم فيه بذلك.
  • ويتطلّب الرد على هذا السؤال التطرّق إلى الموضوع بـ 3 أسئلة منفصلة؛ أولاً، هل أدّت الضربة في دمشق إلى تغيير في عدم رغبة إيران في الانجرار إلى مواجهة عسكرية شاملة ومباشرة مع إسرائيل، ومن الممكن مع الولايات المتحدة؟ وإن عدم الرغبة هذا هو ما كان أساس سياسة "الصبر الاستراتيجي" التي تبنّتها إيران عقب الاغتيالات لمسؤولين كبار إيرانيين في سورية، وتم نسبها إلى إسرائيل منذ اندلاع الحرب في غزة. وفي هذه الأيام أيضاً، تُسمع في إيران أصوات تحذّر من السماح لإسرائيل، وأساساً، لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بجرها إلى مواجهة غير مرغوب فيها مع الولايات المتحدة. إذاً، يمكن تقدير أن الرغبة الأساسية للقيادة الإيرانية في الامتناع من معركة عسكرية شاملة بقي على ما هو، وعلى الرغم من ذلك، فإن الحروب تندلع أحياناً، حتّى عندما لا يكون الطرفان معنيَين بها.
  • وبالإضافة إلى ذلك، فإن هناك سؤالاً يُطرح بشأن ما إذا كانت إيران، بسبب خطورة الضربة في دمشق - على صعيد مكانة مهدوي، وأيضاً بالنسبة إلى مكان الضربة بالقرب من السفارة الإيرانية في دمشق - جاهزة للمخاطرة بصورة أكبر ممّا كان سابقاً. واستناداً إلى الأخبار التي تصدر في الأيام الماضية، والتي تشير إلى نية إيرانية بالرد على إسرائيل، فإنه يبدو أن الجواب إيجابي.
  • ويجب افتراض أنه بسبب الرسائل التي تصل من الولايات المتحدة في الأيام الماضية، والتشديد على التزامها تجاه إسرائيل أيضاً من طرف الرئيس بايدن، فإن الهدف هو التوضيح لإيران أن تقديراتها المتفائلة غير منطقية، ويجب أن نأمل أن تكون الرسائل من واشنطن - وضِمْنَها الزيارة التي سيقوم بها قائد منطقة القيادة الوسطى، الجنرال أريك كوريلا، للتنسيق في إسرائيل بشأن ضربة ممكنة من طرف إيران - بمثابة إيضاح لإيران أن إسرائيل 2024 ليست السعودية التي تم ضربها في سنة 2019 باستخدام صواريخ ومسيّرات إيرانية، من دون أن يؤدي هذا إلى أي رد من طرف السعوديين أو الأميركيين.

ألا تستطيع إيران وإسرائيل صوغ معادلة ردع نووي متبادلة؟

  • وعلى الهامش، فإن التصعيد الخطِر بين إيران وإسرائيل يشير إلى خطر حدوث سوء فهم بين الدولتَين في ظل غياب قنوات تواصُل مباشرة بينهما، وهذا الخطر ظهر في الماضي، في سياق إمكان تزوُّد إيران بقدرات نووية. وفي محادثات أجريتُها هذا الأسبوع في مدريد، سُئِلتُ عن التخوُفات الإسرائيلية من سلاح نووي لدى إيران، وكان زملائي الأوروبيون يتساءلون عما إذا كان من الممكن أن يكون هناك ميزان ردع متبادل نووي بين إسرائيل وإيران، كما حدث سابقاً بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في مرحلة الحرب الباردة، فقلتُ لهم إن أحد الفوارق البارزة في الحالتَين هي أنه لا توجد بين إسرائيل وإيران قنوات تواصل يمكنها نقْل الرسائل من أجل تقليل الخطر في مواجهة مباشرة. والحوار - أو المصالحة - بين إسرائيل وإيران غير مطروحة الآن، وأشك في أن تكون لدى الجمهورية الإسلامية أي نية لفتح قنوات تواصل (مباشرة أو غير مباشرة) مع إسرائيل طالما لا يوجد أي تغيير جوهري في القيادة الإيرانية، وبرؤيتها الأساسية التي تلغي وجود إسرائيل. وعلى الرغم من ذلك، فإن المواجهة المستمرة والمتصاعدة بين إسرائيل وإيران، وتحوُّل هذه المواجهة من مواجهة غير مباشرة (عبر الأذرع أساساً) إلى مواجهة مباشرة، ووقوف إيران على العتبة النووية العسكرية، كلها أمور تستوجب أن يتم دائماً درس إمكان بناء قنوات في المستقبل - حتّى لو كانت سرّية وغير مباشرة - بين الدولتَين، من أجل تمرير الرسائل والتفاهمات.
 

المزيد ضمن العدد