لعبة الروليت في رفح
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • منذ أسابيع طويلة والجيش ينتظر أوامر احتلال رفح، ومن غير الواضح بتاتاً للجمهور في إسرائيل من هو المسؤول ومتى عليه أن يتخذ القرار - سواء بالهجوم، أم بالتوقف والتراجع - وهل القرار في يد الحكومة في القدس، أم في البيت الأبيض لدى الرئيس بايدن ومستشاريه. حالياً، إن قائد "حماس"، يحيى السنوار، هو من يتحكم بمجريات الأمور، والجميع ينتظر رده.
  • ويؤكد وزراء الحكومة وضباط الجيش أن الهجوم على رفح قادم لا محالة، فاحتلال المدينة وأيضاً ضمان السيطرة الإسرائيلية على محور فيلادلفي الحدودي بين مصر وقطاع غزة هو مرحلة مهمة، وحتى يمكن القول إنه ضروري من أجل إخضاع "حماس". هذا حقيقي إلى حد ما، لكن من المؤسف أننا اكتشفنا رفح متأخرين جداً، وليس في الأيام الأولى للحرب، حين عمل الجيش بكل قوته، وقبل أن ينزح إلى رفح أكثر من مليون ونصف المليون من سكّان القطاع. والأهم هو أنه لم يكُن لدى "حماس" أشهر طويلة لتتجهّز للهجوم المتوقّع على المدينة.
  • وأكثر من ذلك، فإنه على الرغم من أهمية رفح، والأهمية الكبيرة في احتلالها وتفكيك قوّات "حماس" المتواجدة فيها، فإنه من الخطأ التعامل معها على أنها أهم شيء، وأن مصير المعركة التي تدور ضد "حماس" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر سيُحسم فيها.
  • لنفترض أن الجيش حصل على الأوامر باحتلال رفح، وفي هذه الحالة، ومن دون شك، سيستطيع السيطرة عليها خلال أيام كما حدث في غزة وشمال القطاع وخان يونس والوسط؛ فماذا سيحدث بعد ذلك؟ أغلب الظن أننا سنخليها بعد أن نضرب "المخربين"، ونتركها لـ "حماس" لتستعيد السيطرة عليها كما يحدث اليوم في شمال القطاع ووسطه، وفي المناطق نفسها التي سيطر عليها الجيش وخرج منها بعد أن أعلن "استكمال المهمة"، ومنها يتم الآن قصف إسرائيل على يد "مخربي" الجهاد الإسلامي و"حماس".
  • وحتّى لو تمسكنا بالسيطرة على رفح وعُدنا إلى السيطرة على خان يونس وغزة؛ ألن يأتي الوقت الذي سيتوجّب فيه علينا الانسحاب في إطار صفقة تبادُل أسرى أو ضغوط دولية، وأميركية بصورة أساسية، بسبب الفوضى التي تجري في القطاع بحسب ادّعاء الإدارة الأميركية، والأزمة التي تعصف بالسكان المحليين هناك؟ والسؤال الأهم على المدى البعيد ليس متى، أو ما إذا كان سيتم احتلال رفح أم سيتم التوصل إلى صفقة، إنما هو: "ماذا نريد أن نفعل بقطاع غزة في اليوم التالي بعد نهاية الحرب؟"، وهو سؤال تتفادى الحكومة التعامل معه منذ أشهر.
  • إن الامتناع من اتخاذ القرارات بشأن المستقبل يضر بإنجازات الحرب؛ فهو يشكّل حالة فراغ وفوضى تعود "حماس" في إطارهما لتفرض سيطرتها على جميع مناطق القطاع، وأكثر من ذلك، تعيد ترميم قدراتها كتنظيم قتالي؛ "عصابات" و"إرهاب". هذا بالإضافة إلى أن الفوضى تعزز من الانتقادات الدولية لإسرائيل، وهو ما يفرض قيوداً على خطواتنا، وينتزع منا أوراق قوة مهمة لليوم التالي. وحتى قبل أن ندخل رفح، فإن الجيش غارق في وحل غزة، ويقوم بعمليات شرطية وأمنية روتينية ولا يقاتل تقريباً. و"حماس" ترمّم مكانتها في المناطق التي خرجنا منها، وفي الوقت نفسه، تقوم إسرائيل بإعادة إعمار البنى التحتية وتزويد سكّان القطاع بالماء والغذاء مجاناً، وهو ما يساعد "حماس" في إعادة بناء ذاتها.
  • على الحكومة أن تقرر ماذا تريد بالنسبة إلى مستقبل القطاع؛ فهل ستفرض عليه حكماً عسكرياً كاملاً يملأ الفراغ ويمنع "حماس" من إعادة ترميم قوّتها السياسية والعسكرية، ويخفّف من الانتقادات الدولية التي نواجهها. أم هل ستقوم ببناء نظام حكم فلسطيني بديل لـ"حماس" يستند فعلياً إلى دعم إسرائيل والدول العربية المعتدلة؟
  • ومن دون اتخاذ قرارات كهذه، فإنه ثمة تخوف من أن احتلال رفح لن يغيّر شيئاً، وسيتركنا في حالة تخبط في غزة. وفي الوقت نفسه، فإن اتخاذ هذه القرارات يمكن أن يمنح إسرائيل أوراق قوة مهمة تقلّل من الحاجة إلى احتلال رفح.