على طريق إلغاء اتفاق السلام مع مصر؟ ضغوط من المقربين من النظام في القاهرة
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • إن إعلان مصر انضمامها إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي، يشكل درجة إضافية إلى التوتر بين القدس والقاهرة منذ التوغل الإسرائيلي في رفح.
  • فسّرت مصر توجُّهها إلى محكمة الجنايات الدولية بأنه نتيجة للوضع الإنساني السيئ في قطاع غزة. واهتمام القاهرة بالشأن الإنساني له وزن كبير جداً، لأنها شكلت، منذ بداية الحرب، الجبهة اللوجيستية الرئيسية لاستقبال وتخزين وتمرير المواد الطبية والغذاء والوقود من العالم إلى غزة، وذلك عبر مئات الشاحنات يومياً. لقد كان معبر رفح أنبوب الأوكسيجين المركزي - حتى دخول الجيش إلى معبر رفح مؤخراً.
  • وأكثر من ذلك، فمنذ بداية الحرب، تعاملت القاهرة مع الوضع الإنساني في غزة على أنه مسؤولية مصرية، ورأت فيه الأفق الذي تعبّر من خلاله عن تضامنها مع الفلسطينيين، وأداة لإحباط المطالب الجماهيرية باتخاذ خطوات مباشرة ضد إسرائيل. هذا ليس مفاجئاً، فمنذ اللحظة التي توقف فيها معبر رفح عن الخدمة، ولو موقتاً، توجهت مصر إلى خطوات بديلة لإثبات موقفها الداعم للفلسطينيين، وضمنه تحدي إسرائيل في المحافل الدولية.
  • من وجهة النظر المصرية، الانضمام إلى دعوى جنوب أفريقيا يهدف إلى زيادة الضغط الدولي على إسرائيل من أجل عدم توسيع العملية في رفح، وبثّ رسالة إلى الرأي العام المصري والعربي، مفادها أنها لا تتعاون مع الجيش، وأن توضح لإسرائيل أن استمرار العملية في رفح سيجعلها تدفع الثمن من العلاقات بين الدولتين. وكلما ازداد وقت العملية وتوسعت من دون موافقة مصرية، ولو بالصمت، فإنها يمكن أن تتخذ خطوات احتجاجية إضافية.
  • لكن في الأيام الماضية، سُمعت من مصر تهديدات صريحة في أوساط إعلاميين وباحثين مقربين من النظام في القاهرة بشأن الضرر الذي سيلحق بالعلاقات، ويمكن أن يصل إلى مرحلة تجميد اتفاقيات السلام، أو إلغائها. وغنيّ عن القول إن مصر (وكذلك إسرائيل) ستخسر كثيراً جرّاء الانسحاب من اتفاق السلام، لكن التهديدات، ولو كانت عبارة عن تصريحات فقط - يمكن أن تطبع الفكرة في الخطاب المصري العام، وأن تخلق دينامية خطِرة في مرحلة حساسة.
  • تمثل العملية في رفح اختباراً للتنسيق العسكري الذي أُنشئ في الأعوام الماضية بين الدولتين في إطار المعركة المشتركة ضد "الإرهاب" في شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة. خلال الأعوام العشرة الماضية، أخذت إسرائيل في الحسبان، أكثر من مرة، الحاجات الأمنية المصرية، وذلك عبر استعدادها لإبداء ليونة في قواعد نزع السلاح المنصوص عليها في الملحق العسكري لاتفاق السلام، والآن، هي بحاجة إلى تنازلات مصرية مشابهة، على شكل إغلاق مسارات التهريب تحت محور فيلادلفي. إسرائيل أيضاً وقفت إلى جانب مصر في محافل دولية عديدة في الغرب لمنحها الدعم السياسي والمالي.
  • يتوجب على الدولتين إدارة حوارات مسؤولة وهادئة بهدف إيجاد معادلة تسمح باستجابة لائقة للحاجات الإنسانية للسكان في قطاع غزة، وأيضاً تستجيب للمصالح الاستراتيجية الأمنية لإسرائيل ضد "حماس". الاشتباك المصري مع إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي يلقي بظلاله على العلاقات والثقة الأمنية والسياسية المبنية بين الدولتين، ولا يساهم في تعزيز المصلحة المشتركة في إيجاد حلول من أجل استقرار طويل الأمد.