هكذا يمكن محاربة طلب إصدار مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- مطالبة المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية كريم خان بإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب، مستفزة، وتعكس الفشل الأخلاقي وسياسة التمييز في الساحة الدولية اليوم. إلّا إن الغضب، حتى لو كان مبرراً، لا يعفي إسرائيل من اتخاذ خطوات من شأنها تقليل الضرر الناجم عن هذه الخطوة "غير العادلة" كلياً.
- أولاً، ممنوع الاكتفاء بصرخات الانكسار والتصريحات على نمط "قلنا لكم"، مثلما فعل إيتمار بن غفير. على إسرائيل أن تواجه مباشرة، بكامل قوتها القضائية والدلائل التي لديها. كريم خان لا يستطيع إصدار مذكرات اعتقال وحده، فهو تابع للقضاة في المحكمة الدولية الذين سيناقشون مطلبه. حتى لو كانت التقديرات التي تشير إلى أن إصدار المذكرات بات أمراً واقعاً - فإن مجرد خوض المعركة سيساعدنا في جبهة الدفاع عن الشرعية. توجد فرصة لإسرائيل - ويمكن أن تكون فرصة أيضاً للجهات الدولية الداعمة لها، مثل ألمانيا ودول أوروبية إضافية- للتعامل مع ادعاءات المدعي العام. ألمانيا، بعكس الولايات المتحدة وإسرائيل، هي عضو في محكمة الجنايات الدولية، وإذا انضمت في ادعاءاتها إلى معارضة مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت، سيكون لهذه الخطوة وزن كبير.
- إنها ليست الخطوة الوحيدة التي يمكن اتخاذها في الساحة القضائية. المدعي كريم خان يقول إنه طلب إصدار مذكرات اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين لأنهم اتخذوا خطوات، مثل التجويع الممنهج، والتسبب بمعاناة كبيرة عن قصد، والقتل عن قصد - وهما معاً يشكلان جريمة حرب. يمكن عرض كثير من الأدلة التي تتناقض مع هذه الادعاءات. فمثلاً، لم يكن هناك مجاعة في قطاع غزة، وأن المجتمع في القطاع تزود بما يكفي من الغذاء منذ الأيام الأولى للحرب، على الرغم من أن إسرائيل صرّحت بأنها ستمنع عمل المعابر البرية (وأن معبر رفح كان مفتوحاً طوال الوقت). هذا بالإضافة إلى أن كل عملية عسكرية مرّت بمراجعة قضائية قبل القيام بها، ويوجد كثير من الإثباتات على ذلك.
- إن المواجهة الصارمة لطلب المدعي العام، يمكن أن تشكل فرصة لإسرائيل كي تطرح الحقائق أمام العالم بأنها تحاول وتحاول، أكثر من أيّ أمة أُخرى قبلها، إدارة حرب فُرضت عليها، للدفاع عن نفسها، بحسب القانون الدولي، في مواجهة عدو يستعمل القانون الدولي لمنعها من الدفاع عن نفسها. هنا توجد قضية جيدة، وحتى لو فشلت إسرائيل، وتم إصدار مذكرات الاعتقال، فإن هذا سيمنع الانجرار الجارف إلى إدانتها في المحكمة الأُخرى - محكمة العدل الدولية - التي تناقش الآن طلب جنوب أفريقيا، فرض وقف إطلاق للنار.
- سواء رفضت المحكمة الجنائية الدولية طلب إصدار مذكرات الاعتقال، أو قبلته، يجب على الجيش أن يعتبر الطلب بحد ذاته كرة متدحرجة. إذا قرر القضاة الثلاثة في المحكمة قبول طلب المدعي العام، فهذا يمكن أن يكون له إسقاطات على شكل مذكرات اعتقال ضد المسؤولين في الجيش، وبعد ذلك، ضد الضباط والمقاتلين في الميدان الذين سيُتّهمون بجرائم حرب.
- على قائد هيئة الأركان وهيئة الأركان التعامل مع هذه القضية بجدية، وضبط سلوك الضباط والمقاتلين في الميدان، وأيضاً خلال الإجازات. على أمل ألّا يكون هذا متأخراً، فعلى الجنود الامتناع كلياً من التصوير ونشر الصور والتسجيلات في شبكات التواصل الاجتماعي، وبغض النظر عمّا إذا كانوا، هم أنفسهم، مَن قام بذلك، أم أصدقاؤهم. هذه الصور يمكن أن تسمح للفلسطينيين ومَن يدعمهم بتقديم لوائح اتهام. كل رقصة في غزة تم رفعها على موقع "تيك توك" يمكن أن تصل إلى محكمة الجنايات في لاهاي على أنها "رقص على دم الشهداء الفلسطينيين في غزة". الأغنيات والفيديوهات التي تصوّر الجنود، وهم يركضون إلى المعركة، وكذلك الدمار، فهي كلها تصبّ في مصلحة العدو، ليس فقط في المعركة على الوعي، بل في المعركة القضائية أيضاً. لذلك، يجب وقفها كلياً.
- حتى الصور الساذجة، كالعمل في الميدان - مثل جرف مساحات زراعية لحاجات عسكرية ونسف منازل من طرف الجنود وصورة شارة النصر - يمكن أن تكون بمثابة إثباتات في المحكمة الدولية، لذلك، يجب على الجنود التوقف عن التفاخر، وعدم كشف أنفسهم، والتعبير عن مشاعرهم، والتفكير في كل كلمة تخرج من أفواههم. والأمر نفسه أيضاً بالنسبة إلى الضباط والجنود في جيش الاحتياط. على الجيش أن يضبط استخدام جنوده لـ"التيك توك" بشكل صارم. يجب القيام بكل ما يمكن، والقتال بحزم، لكن "الكلام والصور والمشاركات" - فهذا يجب أن يتوقف.
- على إسرائيل أيضاً فرض القانون، ومنع الجريمة القومية في الضفة الغربية، وفي الأساس هؤلاء الذين يحاولون منع شاحنات المساعدات من الوصول إلى غزة. هؤلاء يطلقون النار على أنفسهم، وعلى إسرائيل، ويجعلونها تجلس على طاولة المتهمين في المحاكم الدولية من دون مبرر. هؤلاء المحرضون يخربون الجهد الحربي ويحبطون احتمالات الانتصار. يجب الاعتراف بأن ساحة المعركة تغيرت، اليوم، ولن تعود كما كانت، والصراع على الشرعية، وكذلك في الساحة القضائية والوعي الدولي، كلها جبهات ضرورية يجب الانتصار فيها. لا يكفي قتل العدو، يجب أيضاً هزيمته في كل ساحة يختار مواجهتنا فيها.