الجيش يريد إنهاء القتال في غزة، لكن هناك الاعتبارات السياسية لنتنياهو
تاريخ المقال
فصول من كتاب دليل اسرائيل
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- على ما يبدو، ستصل لحظة الحقيقة في هذه الحرب خلال أسابيع قليلة. الجيش الإسرائيلي سينهي عمليته الهجومية في رفح، والتي جرت في ظل قيود أميركية، ومن دون أن يقضي على "حماس" بصورة مطلقة، ويريد أن يعلن انتهاءها. وسيذهب الجنرالات إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ويطلبون منه مساعدتهم من أجل تقديم توضيحات استراتيجية. سيقترحون عليه إنهاء المعركة في قطاع غزة في إطارها الحالي. كما سيقترح الجيش تقليص حجم القوات التي تعمل في محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر، وفي الممر الإضافي في وسط غزة، والتركيز على عمليات توغُّل ضد أهداف أُخرى لـ"حماس" وإعطاء فرصة لخطوات أُخرى.
- هذه الخطوات يمكن أن تشمل محاولة لتحريك الاتصالات مجدداً من أجل عقد صفقة مخطوفين ووقف إطلاق النار في غزة. وإذا نجحت، على الرغم من أن فرصها لا تبدو كبيرة حالياً، فإنه يمكن استغلال الوقت من أجل منح المقاتلين فرصة للراحة، تجري خلالها محاولة أميركية أخيرة للتوصل إلى اتفاق سياسي مع لبنان، هدفه إبعاد قوات حزب الله عن الحدود مع إسرائيل. وإذا تعذّر ذلك، فتجري الاستعدادات لإمكان نشوب حرب شاملة في الشمال. في الوقت عينه، يجب البدء بعملية منتظمة لبناء القوة الوطنية، والتوظيف الكثيف في تطوير القدرات العسكرية، وفي جاهزية الجبهة الداخلية، إذا ما تحققت التوقعات الصعبة ووجدت إسرائيل نفسها، مستقبلاً، في مواجهة واسعة متعددة الجبهات، بقيادة إيرانية.
- في نهاية الأسبوع الماضي، بلغ عدد قتلى الجيش الإسرائيلي 11 قتيلاً في القطاع، بينهم 8 من سلاح الهندسة، سقطوا في انفجار مدرعة من طراز نمر في رفح. لكن عدد الخسائر في يومين هو مقياس خاطىء لِما يتعلق بحجم وقوة القتال الدائر. وفي الواقع، يبدو أن "حماس" أجلت جزءاً كبيراً من مقاتليها المسلحين عن المدينة.
- في تقديرات الجيش الإسرائيلي أن عدد قتلى "حماس" في رفح بلغ 550 قتيلاً. كثيرون ذهبوا إلى الشمال، ومن المفترض أن تستخدمهم الحركة كقوة احتياط لترسيخ سيطرتها مجدداً في القطاع، بعد الانسحاب الإسرائيلي. وعاجلاً أم آجلاً، ستواجه "حماس" غضب السكان بسبب ما فعلته إسرائيل في قطاع غزة. ولهذا الغرض، هي بحاجة إلى فرض الأمن بقوة ذراعها العسكرية.
- العدد القليل من المسلحين الموجودين في رفح يقوم بهجمات مركزة، هدفها إيقاع أكبر عدد ممكن من القتلى بين الجنود الإسرائيليين. وهم يحرصون على تصوير ذلك في أشرطة فيديو تنشرها وسائل الإعلام العربية ووسائل التواصل. كما أن قوة القتال في رفح محدودة أكثر، مقارنةً بالمعارك التي جرت في بداية الحرب في شمال القطاع.
- في هذا الأسبوع، نشرت إذاعة الجيش الإسرائيلي تقديراً متفائلاً لقيادة المنطقة الجنوبية، أفاد بمقتل نحو 14 ألف "مخرب" من "حماس" من مجموع 30 ألف قتيل سقطوا منذ بداية الحرب، وأن نصف قادة 24 كتيبة لم يعد موجوداً؛ ومنظومة القيادة والتحكم تضررت كثيراً؛ وبقي لدى "حماس" بضع مئات من الصواريخ المتوسطة المدى، القادرة على الوصول إلى غوش دان ومنطقة أشدود. ويضاف إلى ذلك توقُّع شديد التفاؤل، أنه إذا استمرت الضربات ضد "حماس" في شمال القطاع، فمن المحتمل أن تنضج الظروف لقيام سلطة بديلة.
- أما فيما يتعلق بمسألة المخطوفين، فليس لدى الجيش أخبار مشجعة حتى الآن. النجاح المدهش للعملية الأخيرة لتحرير مخطوفين كانت استثناء، وليست قاعدة. في أفضل الحالات، قد تنشأ فرصة لإنقاذ عدد آخر، لكن هذا سيكون محفوفاً بخطر كبير، ولن يؤدي إلى تحرير عدد كبير. وتدّعي صحيفة "الوول ستريت جورنال" أن 50 مخطوفاً من مجموع 120 ما زالوا في قيد الحياة في قطاع غزة. بينما تشير الأرقام الرسمية إلى عدد أكبر.
- سجّل اليومان الأخيران في شمال البلد تراجعاً نسبياً في هجمات حزب الله. ولم يكن هذا بفضل صرامة الجيش الإسرائيلي، بل بسبب قرار لبناني بخفض المعارك بمناسبة عيد الأضحى. يواصل الجيش حملة الاغتيالات ضد القادة الميدانيين لحزب الله وكبار مسؤوليه. وفي الخلفية، تزداد تهديدات المسؤولين السياسيين والضباط بشأن قدرة إسرائيل على ضرب التنظيم الشيعي والدولة اللبنانية "الفاشلة".
- في الأمس، ألقى الأمين العام لحزب الله خطاباً هو الأعنف منذ بداية الحرب. مبدئياً، أصرّ نصر الله على التمسك بنظريته أن الحزب يساعد في الحرب الحالية: "حماس" تقود المعركة، بينما يهاجم حزب الله في الشمال، ويجذب قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي إلى هناك، لكن من دون أن ينتقل إلى مرحلة الهجوم البري. لقد هدد أيضاً بمهاجمة قبرص التي تنوي سلطاتها السماح لسلاح الجو الإسرائيلي بشنّ هجمات من أراضيها، إذا ما اندلعت حرب كبيرة. لكن الأهم هو ما اختبأ بين السطور، وهو شكوك نصر الله في أن إسرائيل تنوي شنّ حرب شاملة، وهو يعدّ حزبه لمواجهة مثل هذا الاحتمال.
- خلال هذا الأسبوع، أجرى موفد الرئيس الأميركي عاموس هوكشتاين جولة حوارات بين بيروت والقدس. وقيل إنه نقل رسائل تهديد من إسرائيل إلى لبنان. ردّ حزب الله بنشر فيديو التقطته مسيّرة لمرفأ حيفا، تظهر فيه سفن سلاح البحر الإسرائيلي راسية في قاعدة سلاح البحر، كعادتها، كما لو أنه لا يوجد خطر حدوث هجوم من الشمال.
- في الصورة الأساسية للوضع، مؤخراً، لم يطرأ أي تغيير فعلي على الجبهتين. والحكومة والجيش لم ينجحا في الخلاص من المأزق الاستراتيجي العميق الذي يواجهانه منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر. لا يوجد أي موعد في الأفق، لا من أجل عودة المخطوفين، ولا من أجل انهيار "حماس" (تحقيق هذا الهدف مستحيل تقريباً)، ولا لعودة سكان الحدود الشمالية إلى منازلهم.