المقارنة ما بين سنة1974 وسنة2024: حدود القوة، غزة، لبنان، وإعادة المخطوفين
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • بعد 51 عاماً على الهجوم المصري على إسرائيل في سنة 1973، تمت مهاجمة إسرائيل مرة أُخرى في سنة 2023 بصورة مفاجئة من الجنوب. ليس التاريخ وحده يعيد نفسه، بل السلوك أيضاً. فكما جرى في ذلك الوقت، الشعور المبالغ فيه بالثقة بالنفس لدى الجيش - دفع إلى الاستهتار بالعدو. كما جرى أيضاً، حينها، فإن أجهزة الاستخبارات تجاهلت مجموعة من المعلومات الاستخباراتية التي أشارت إلى الهجوم المقبل.
  • التشابه مع حرب "يوم الغفران" لا ينتهي هنا. في هذا الصيف، نحن نسير، رويداً رويداً، نحو المزاج العام الإسرائيلي في السنوات التي تلت حرب "يوم الغفران": فهم حدود القوة الإسرائيلية. الضربة القوية التي تلقيناها في "يوم الغفران" دفعت بالرأي العام إلى الإدراك أن القوة العسكرية وحدها غير كافية لتحقيق الأمن. ومن هنا، بدأ المسار نحو اتفاق فصل القوات في سنة1974 والاتفاق الموقت في سنة 1975 مع أعدائنا في حرب "يوم الغفران".
  • وهذا ما يجري الآن أيضاً، انتشار الفهم من المستوى العسكري وحتى مستشار الأمن القومي - أن هدف تفكيك "حماس" المعلن غير ممكن. ونفهم أيضاً بالطريقة نفسها ما يحدث في الشمال: يبدو أنه على الرغم من القوة العسكرية، فإن الجيش غير قادر على منح سكان الشمال الأمان. ما زال عشرات الآلاف نازحين، في الوقت الذي تصيب مسيّرات وصواريخ حزب الله الأشخاص والأملاك والطبيعة في شمال إسرائيل.
  • في هذه الظروف، يعود البديل السياسي إلى الظهور: وقف القتال في غزة في إطار صفقة تتضمن إعادة المخطوفين والمخطوفات. بحسب تصريح حزب الله، إنهاء القتال في غزة سيوقف جولة القتال في الشمال. واستمرار القتال يمكن أن يجرنا إلى حرب شاملة مع حزب الله، سيكون ثمنها باهظاً على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وفي نهايتها، من غير الواضح ما إذا كنا سنتخلص من تهديد حزب الله.
  • بما معناه، إن لم ننهِ الحرب في الجنوب، لن نستطيع التوصل إلى ترتيبات في الشمال، وإن لم نتوصل إلى اتفاق لتحرير كافة المخطوفين، لن نستطيع التوصل إلى إنهاء الحرب في الشمال في الظروف الحالية. هذه النتيجة ليست سهلة الاستيعاب. واجب الدولة الأساسي تجاه مواطنيها هو إزالة التهديد من الجنوب كي لا يعود تهديد السابع من تشرين الأول/أكتوبر مرة أُخرى. بالإضافة إلى أن هناك شرائح من الرأي العام لا تزال تريد الانتقام لهذا اليوم السيئ. وفي نهاية المطاف، لن يختفي تهديد حزب الله في الشمال؛ والسكان في الشمال يطالبون - بحق - بإزالة تهديد الحزب.
  • التجهيزات العسكرية الكبيرة على الحدود في الشمال والجنوب هي جزء من الرد، إلا إن الجيش وحده لن يستطيع تحقيق هذه الأهداف. الدخول العسكري الإسرائيلي إلى لبنان سيكلف أثماناً باهظة، ليس فقط في أوساط الجنود، بل أيضاً على صعيد الجبهة المدنية والعلاقات الخارجية لإسرائيل.
  • في هذه الظروف، على إسرائيل أن تبحث من جديد ما هي الأهداف الكاملة لهذه المواجهة. فحتى في حرب "يوم الغفران"، كان التركيز الجماهيري على النتائج العسكرية، وبعد سنوات فقط، تبين أن إسرائيل حققت أهدافها الكبرى عبر الوسائل الدبلوماسية - اتفاق سلام مع دولة عربية، على الرغم من أن جزءاً من الأهداف العسكرية، كدفع الجيش المصري إلى الجانب الشرقي من قناة السويس، لم يتحقق.
  • هدف مهم آخر هو التضامن داخل الجمهور الإسرائيلي والمسؤولية المتبادلة تجاه بعضنا البعض: تجاه سكان الشمال، وتجاه المخطوفين والمخطوفات. إنهاء القتال في غزة، سيعيد البقية إلى البيت، ويفتح الطريق لاستقرار الجبهة الشمالية. وكل هذا من دون أيّ نظرة ساذجة: الصراع معهما لم ينتهِ. علينا أن نتجهز لمواجهة طويلة مع "حماس" وحزب الله.
  • وبصورة خاصة، إن أفق صراع طويل الأمد يحتاج إلى وقف القتال الآن. في مواجهة كهذه، توجد ضربات وهزائم وأهداف لا يمكن تحقيقها دائماً. الأداة المهمة في هذه المواجهة هي الحلف الدفاعي الإقليمي بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة. لن نستطيع التقدم في هذا الاتفاق ما دامت الحرب مستمرة في غزة. بالإضافة إلى أن المواجهة الطويلة تتطلب تضامناً اجتماعياً من أجل طول النفس المطلوب لهكذا مواجهة.
  • إذاً، تحرير المخطوفين هو ليس فقط استجابة للواجب الأخلاقي، بل هو الأمر الضروري للنجاح في الصراع الماثل أمامنا، وفهم الدرس ما بعد حرب "يوم الغفران"، ألا وهو أن القوة وحدها ليست كافية.