تصعيدٌ أم احتواء؟ معضلة حزب الله وإيران بعد الاغتيالين
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

  • اغتيال فؤاد شُكر الملقب بالحاج محسن، والذي كان على رأس المنظومة العسكرية لحزب الله، في قلب الضاحية، معقل حزب الله في بيروت، شكّل ضربة قاسية ومؤلمة ومفاجئة للحزب، ولنصر الله شخصياً بصورة خاصة. لقد كان شُكر يده اليمنى والمستشار المقرب منه منذ أعوام كثيرة، وكان بمثابة رئيس الأركان الذي وقف إلى جانبه طوال "حرب الاستنزاف" التي يخوضها حزب الله ضد إسرائيل منذ 10 أشهر تقريباً.
  • الاغتيال في بيروت زرع البلبلة والاضطراب في الحزب الذي لم يعلن مقتل الحاج محسن بصورة رسمية، إلا بعد انتشال جثمانه من تحت الأنقاض، بعد 24 ساعة على الحادثة. وانضم اغتياله إلى قائمة طويلة من الاغتيالات التي قامت بها إسرائيل ضد ناشطين في الحزب، وأظهر مرة أُخرى امتلاك إسرائيل قدرات استخباراتية وعملانية من الصعب التنافس معها، كما ساهم الاغتيال في تصوير قوة الجيش الإسرائيلي. وفي هذا الاغتيال، استخدمت إسرائيل أصدقاءها في الغرب، فالحاج محسن مسؤول عن مقتل 241 أميركياً و58 فرنسياً، و6 إيطاليين، في التفجير الذي وقع في تشرين الأول/أكتوبر في مقر المارينز في لبنان، والذي أعلنت الولايات المتحدة في أعقابه تقديم جائزة خمسة ملايين دولار لقاء تقديم معلومات تساعد على تحديد مكانه.
  • صحيح أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، الذي كان يقوم بزيارة إلى طهران للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، لكن الاغتيال يعزز إحساس إسرائيل بقدرتها، وبشجاعتها، ويزيد في الشعور بالإحباط لدى قادة "جبهة المقاومة"، وعلى رأسهم إيران، التي لم تنجح في حماية حياة هنية، الذي قُتل تحت بصر عناصر الحرس الثوري الإيراني، بينما كان ضيفاً في مقرّ ضيافتهم الرسمي.
  • حتى الآن، تدل تجربتنا على أن اغتيال مسؤولين رفيعي المستوى لا يؤدي إلى تغييرات على المستوى الاستراتيجي، وعلى ما يبدو، لن يؤدي إلى انتهاء الحرب في غزة، أو في الشمال. والفائدة من هذه الاغتيالات ناجمة عن أهميتها على صعيد الوعي، وعلى الصعيد المعنوي، وما يرافقها من تداعيات قصيرة الأمد على التطورات في الميدان: الحاج محسن سيترك فراغاً كبيراً لدى نصر الله، وفي إدارة الحرب، بينما تجد "حماس" صعوبة في إيجاد بديل ملائم من هنية في هذه المرحلة.
  • كما أن الإنجاز الذي حققته إسرائيل من هذه العمليات يمكن أن يطغى عليه تصعيد محتمل، وخصوصاً في مواجهة حزب الله والإيرانيين، الذين من المتوقع أن ينفّذوا عملية انتقامية ضد إسرائيل. وتجري في بيروت وطهران مشاورات بشأن طبيعة الرد.
  • عشية الاغتيال في بيروت، تعهد حزب الله الرد بشكل يتناسب مع نتائج العملية الإسرائيلية، ويمكن التقدير، بثقة، أنه من المتوقع أن يكون رداً استثنائياً لم نشهد مثيلاً له حتى الآن. كما يتعهد الإيرانيون أيضاً الانتقام لاغتيال هنية في طهران، ولا ننسى تعهدات الحوثيين بشأن الرد على الهجوم الإسرائيلي على مرفأ الحُديدة. يجب أن نأخذ في الحسبان أيضاً احتمال هجوم مشترك يشنّه أعضاء "جبهة المقاومة".
  • ويبدو أن المعضلة التي يواجهها حزب الله والإيرانيون في اختيار الرد على الاغتيالين مشابهة للمعضلة التي واجهتها إسرائيل بشأن الرد على كارثة مجدل شمس: كيف يمكن أن تقدم رداً رادعاً وقوياً من دون التدهور إلى حرب واسعة النطاق. وفي الواقع، إن حزب الله وإيران لا يريدان في هذا التوقيت حرباً واسعة النطاق ضد إسرائيل، يمكن أن تتحول بسرعة إلى حرب متعددة الجبهات، تؤدي إلى تدخّل مباشر في القتال من طرف إيران، وأيضاً الولايات المتحدة. ففي نظر الحزب وإيران، هناك حسنات واضحة لاستمرار "حرب الاستنزاف" الطويلة، والمنهكة التي تذلّ وتُضعف الجيش والجمهور الواسع في إسرائيل.
  • السؤال المركزي المطروح الآن هو: هل الرد الذي سيختاره حزب الله وإيران سيكون من النوع الذي يسمح لإسرائيل باحتوائه ووقف مسار التصعيد؟ في إمكان إسرائيل أن تختار في هذه المرحلة التي حققت فيها إنجازات في مواجهة أعدائها، وفي الساحة الدولية، العمل على الدفع قدماً بحل سياسي في الشمال، وصفقة مخطوفين مع "حماس"، وبهذه الطريقة، ستتمكن من وقف هجوم أعضاء "محور المقاومة" الآخرين عليها.
 

المزيد ضمن العدد