صحيح أن الردع الإسرائيلي تعزّز، لكن النصر التام آخذ في الابتعاد
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

  • الردع الإسرائيلي الذي انهار في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وخلال الأشهر التي تلت الحرب، تلقّى حقنة نشاط، وتعزز خلال شهر تموز/يوليو، وذلك على خلفية سلسلة من العمليات الناجحة، منها اغتيال قائدَي الجناح العسكري لكلٍّ من حركة "حماس" وحزب الله (محمد الضيف وفؤاد شُكر)، الهجوم على ميناء الحُديدة في اليمن، والعملية الناجحة في محور فيلادلفيا، واغتيال إسماعيل هنية في طهران، والمنسوب إلى إسرائيل.
  • "لقد أثبتت إسرائيل قوتها وصوابية دربها. أنا أقود البلد نحو طريق النصر. ’حماس’ في غزة مهزومة، ودفعت ثمناً باهظاً جداً لقاء ’جرائم’ السابع من تشرين الأول/أكتوبر. لقد تم اغتيال قائدَي جيشَي ’الإرهاب’ لدى كلٍّ من ’حماس’ وحزب الله، وهو ما يثبت مرة أُخرى أنه لا يوجد مخبأ سري بما فيه الكفاية، لكي يختبئ فيه ’الإرهابيون’، بعيداً عن عيوننا الساهرة، ولا يوجد مكان بعيد جداً عن يد إسرائيل الطويلة. بعد عشرة أشهر، أصبحت أهداف الحرب قريبة من التحقق - لقد تم تفكيك ’حماس’ فعلياً، كقوة عسكرية منظمة وحكومة فاعلة، ولم تعد قادرة على تكرار ما حدث في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ولذلك، نحن نوقّع صفقة تعيد رهائننا إلى الوطن، وشهداءنا إلى قبور يهودية. هذه نهاية الحرب، لكنها ليست نهاية المعركة".
  • "لقد توصلتُ إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، مفاده أن أيّ إعادة تسليح لحركة ’حماس’، ستكون مبرراً كافياً لكي تستأنف إسرائيل القتال في غزة. آمل أن يؤدي وقف الحرب في غزة إلى وقف القتال في الشمال، لكننا لن نتردد في خوض الحرب، إذا فُرضت علينا بصورة ردّ قوي من حزب الله وإيران. الآن، نحن نمنح السبل الدبلوماسية فرصة لتطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 1701، الذي يُبعد حزب الله شمالاً نحو نهر الليطاني. وهنا أيضاً، اتفقت مع الولايات المتحدة على أنه إذا لم يتم تنفيذ القرار، فسنحصل على دعم كامل لاستخدام الجيش الإسرائيلي لإبعاد تنظيم حزب الله الشيعي عن الحدود الشمالية وضرب قدراته التي تهدد إسرائيل. وفي كل الأحوال، لن تتمكن وحدة الرضوان من تهديد الجليل بعد الآن".
  • "بالتزامن مع ذلك، أنا أعمل على التوصل إلى اتفاق تاريخي مع المملكة العربية السعودية، يدخل حيز التنفيذ مباشرةً بعد الانتخابات الأميركية، بدعم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وسنركز معاً على الهدف الرئيسي الذي أتحدث عنه منذ 20 عاماً: منع إيران من الحصول على الأسلحة النووية، وإضعاف أذرع ’الإرهاب’ التابعة لها ولوكلائها في الشرق الأوسط".
  • للأسف، لم يلقِ رئيس الوزراء خطاباً كهذا، يمثل "نصراً استراتيجياً"، ويتضمن أيضاً الواجب الأخلاقي المتمثل في إعادة الرهائن - لأنه يتعارض مع احتمالات بقائه في الحكم. ونتيجة ذلك، يدرك سكان دولة إسرائيل أن رئيس وزرائهم يقودهم في واحد من طريقين إلى كارثة استراتيجية، تخدم مصالح إيران ومصالح زعيم "حماس" في غزة يحيى السنوار.
  • المسار الأول - مسار "النصر الكامل": الذي يعني استمرار الحرب في غزة، على الرغم من أننا منذ فترة طويلة، نخوض مواجهة إقليمية تتجاوز حدود القطاع كثيراً، وفيها ساحات تنطوي على تهديدات لإسرائيل، أكبر كثيراً مما تبقى لحركة "حماس" من قوة في القطاع. إن توزيع قواتنا (المحدودة العدد أصلاً) على المحورين [فيلادلفيا ونيتساريم] لن يؤدي إلى القضاء على "حماس" في غزة، بل سيسفر عن حرب طويلة الأمد في مواجهة حرب عصابات في القطاع، وتصعيد متزامن في ساحات أُخرى.
  • سيواصل أسرانا الموت في أنفاق "حماس"، وستتورط إسرائيل في حرب استنزاف طويلة، وسيستمر الاقتصاد الإسرائيلي في التدهور، وستنخفض مكانتنا في العالم إلى درك جديد، وسيشتد وقع الملاحقة القضائية ضدنا في المحاكم الدولية. وفي الواقع، إن استراتيجية "النصر التام" تخدم الاستراتيجيا الإيرانية: إسقاط إسرائيل في حرب استنزاف طويلة، على عدة جبهات، وبصورة متزامنة، إلى أن تنهار.
  • من ناحية أُخرى، هذه الاستراتيجيا ستقود إسرائيل إلى مواجهة مع الولايات المتحدة التي تسعى، بكل قوتها، لإنهاء الحرب، وتنتظر منا الوفاء بالوعود التي قطعناها فيما يتعلق بالتقدم في صفقة الرهائن. وتتوقع واشنطن استراتيجية عمل أكثر إشكاليةً من "النصر الكامل" في غزة الذي يقود إلى حرب إقليمية ستتطلب، من دون شك، تدخُّل الولايات المتحدة، وهو آخر ما يحتاجه البيت الأبيض، عشية الانتخابات.
  • المسار الثاني - مسار الحرب الإقليمية: ربما ليست هذه هي استراتيجية نتنياهو المعلنة، لكن سلوكه، سواء فيما يقوم به بشكل مقصود، أو فيما يهمله من قضايا، وخصوصاً استمرار حرب الاستنزاف في غزة والساحات الست الأُخرى (لبنان، وإيران، وسورية، واليمن، والعراق، والضفة الغربية) سيؤدي بشكل كبير إلى اندلاع حرب إقليمية متعددة الساحات. هذا المسار خطِر، وهو سيناريو لم تبلور إسرائيل استراتيجيا وأهداف حرب ملائمة له، وعلى الرغم من أن القتال منخفض الشدة في جميع هذه الجبهات، فإنه كان جارياً فعلياً. إلا إن الأوضاع تفاقمت على جبهة أُخرى، وهي الأهم. إنها الجبهة الداخلية، حيث تُخترق خطوط حمراء كل يوم، مثل تكرار اقتحامات معسكرات الجيش الإسرائيلي والانتهاكات الجسيمة لسيادة القانون.
  • لقد أضحت إسرائيل غارقة فعلاً في حرب استنزاف، وهي تتعارض مع مزايا قوتها (الضربة الساحقة)، وفي توقيت يُبرز نقاط ضعفها (مسألة طول النفَس). علينا أن نعود إلى مفهوم الأمن الخاص بنا، المتمثل في حروب قصيرة داخل أراضي العدو، والعودة إلى بناء الدولة والاقتصاد والمشروع الصهيوني بشكل عام. إنها استراتيجيا تتطلب إخراج الخصوم من الصورة وإزالة التهديدات التي يفرضونها علينا، وبالتدريج.
  • إن رئيس الوزراء مُلزم، من الناحيتين الاستراتيجية والأخلاقية، تبنّي توصيات الجهات الأمنية المهنية وإزالة العقبات التي وضعها في عجلات المفاوضات مع "حماس"، لتمكين صفقة الرهائن. هذه التوصيات التي لديها القدرة على تهدئة الجبهات الأُخرى والمساعدة على إغلاقها، وكذلك تمهيد الطريق إلى إعادة سكان الشمال إلى منازلهم من خلال تسوية دبلوماسية مع لبنان.
  • وحتى إذا لم يتم التوصل إلى تسوية كهذه، فإن وقف الحرب سيمكّن الجيش الإسرائيلي من التعافي، وإعادة تعبئة مخازنه، والاستعداد للحرب، وبصورة خاصة مع حزب الله، وربما أيضاً مع إيران. تحتاج إسرائيل إلى تنسيق جميع هذه التحركات، عن كثب، مع الولايات المتحدة. فالدعم الذي ستقدمه واشنطن للقدس - من حيث طول النفَس والدعم السياسي - مصيري للغاية.
  • في نهاية المطاف، نحن في نهاية الأسبوع هذه على حافة تدهور إقليمي، وقد نُجر إلى حرب استنزاف مكثفة ومتعددة الجبهات، في مواجهة مجموعة من التهديدات التي لم نواجه مثلها من ذي قبل، وفي ظل خطر الانزلاق إلى حرب شاملة. هذا هو حلم السنوار: مواجهة في غزة تشعل جميع الجبهات وتوحّدها في قتال عالي الكثافة، وهذه هي الاستراتيجيا الإيرانية: حلقة من النار حول إسرائيل إلى أن تنهار من الداخل.
  • على إسرائيل ألّا تخدم أهداف "حماس" وإيران. وعليها أن تعمل بناءً على استراتيجيا تتماشى مع مفهوم الأمن التقليدي الخاص بها: حروب قصيرة، انتصار في كل معركة، دعم من القوى العظمى، وتحالف إقليمي يشكل وزناً مضاداً  للمحور "المتطرف".
 

المزيد ضمن العدد