يجب أن يفهم نتنياهو أنه إذا لم ينتصر خلال 10 أشهر، فإن هذا لن يحدث لاحقاً
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • حتى كتابة هذه السطور، ينتظر المواطنون الإسرائيليون كلهم، بخوف، الضربة الآتية من إيران، ومن حزب الله، بينما ما زال الشمال مشتعلاً، وتستمر الهجمات الفتاكة، ويحتدم القتال في الجنوب، ولا يزال 115 مواطناً إسرائيلياً محتجزين لدى "حماس" منذ 10 أشهر، يعانون سوء المعاملة، ويواجهون خطر الموت الدائم. لم يسبق قط أن كان الوضع الأمني في إسرائيل سيئاً إلى هذا الحد، وهذه الفوضى كلها تحدث خلال ولاية نتنياهو. من الصعب أن نصدق أن رئيس الحكومة المسؤول عن أكبر كارثة في تاريخ دولة إسرائيل ما زال في منصبه، وهو لم يستقِل فحسب، بل يدير حرباً بطريقة فاشلة وفظيعة، وبتردُّد لا نهاية له، وبطريقة ارتجالية، بينما المصالح السياسية والشخصية الضيقة ليست غريبة عنه. هذه ليست الطريقة التي نهزم بها "الإرهاب".
  • إذا كانت "حماس" لا تزال قادرة على إطلاق الصواريخ في اتجاه المستوطنات، بعد مرور 10 أشهر على الحرب، وما زالت تسيطر على قطاع غزة من دون منازع، فلا مفرّ من القول إنه حتى هذه اللحظة، وعلى الرغم من الإنجازات التكتيكية الكبيرة للجيش الإسرائيلي، فإننا فشلنا في امتحان النتيجة، ويجب التفكير في مسار جديد.
  • الخطأ الكبير كان في تضييع فرصة ترجمة إنجازات الجيش إلى انتصار سياسي وتغيير السلطة المدنية في القطاع، الأمر الذي كان سيقضي على القوة العسكرية لـ"حماس"، أو على الأقل، سيُلحق بها ضرراً كبيراً. إن رفض نتنياهو الحديث عن "اليوم التالي للحرب"، ورفضُه دخول فلسطينيين معتدلين إلى القطاع وقوات عربية ودولية، هو الذي أدى إلى بقاء سلطة "حماس"، والحاجة إلى عملية إضافية في المستقبل القريب. وكذلك إدارته للحرب التي بدأت بقوة كبيرة في شمال القطاع فقط، من دون رفح ومحور فيلادلفيا، هي التي منعتنا من تحقيق إنجاز أكبر كثيراً.
  • ليس مفاجئاً أن يُظهر تحقيق نشرته شبكة السي أن أن هذا الأسبوع، أنه على الرغم من الضربة القوية التي وجّهها الجيش إلى "حماس"، فإن نصف كتائبها، على الأقل، ما زال فاعلاً، الأمر البعيد جداً عن تصريحات نتنياهو بشأن الاقتراب من "النصر المطلق". بحسب التحقيق، العديد من الكتائب ما زال فاعلاً، وعدد كبير أعاد ترميم قواه. يتعين على نتنياهو أن يفهم أنه إذا لم يحقق النصر خلال 10 أشهر، فإنه لن ينتصر قط، ويجب على شخص آخر إكمال المهمة.
  • في سنة 2002، قاد أريئيل شارون عملية "السور الواقي"، وخلال 43 يوماً، وجّه ضربة هائلة إلى "الإرهاب" في عدد من المدن الفلسطينية في الضفة الغربية. لكن حتى بعد عملية ناجحة من هذا النوع، يجب التعامل مع "الإرهاب" طوال الوقت، بطريقة جزّ العشب، من هنا، يُعتبر الكلام عن "النصر المطلق" تضليلاً وخدعة مكشوفة ورخيصة وعملية ذرّ للرماد في عيون الجمهور.
  • على خلفية هذا كله، يبرز الفشل الذريع في القضاء على الحكم المدني لـ"حماس"، وبافتراض أن هناك حاجة إلى عمليات كثيرة للقضاء على هذا الحكم، فإن تأجيل صفقة المخطوفين بهذه الذريعة ليس منطقياً، وهو غير أخلاقي.
  • برزت في الأيام الأخيرة رسائل من نتنياهو تشدد على البقاء في محور فيلادلفيا. كما ذكرنا، هذا المحور مهم جداً، ومن المؤسف أننا لم نسيطر عليه منذ بداية الحرب، لكن يجب أن نتذكر أنه طوال 15 عاماً من تولّي نتنياهو رئاسة الحكومة منذ سنة 2009، لم يفعل شيئاً من أجل إعادة السيطرة على هذا المحور، وكان مشغولاً بالهدوء المصطنع الذي توصل إليه مع "حماس".
  • أيضاً نكرانه الجميل حيال الرئيس جو بايدن، لا يخدم وضعنا الأمني، وفي الوقت الذي يبذل الرئيس الأميركي جهده من أجل الدفاع عنا، يواصل نتنياهو إحراجه، خدمةً لغايات سياسية لمصلحة قاعدته. يعزز نتنياهو الفوضى، ويبدو أنه يفضل بن غفير وسموتريتش وبقاء حكومته على مصلحة الجمهور الواسع.
  • في غضون ذلك، تواصل الحكومة في ذروة الحرب محاولات الانقلاب الدستوري، وتجد وقتاً للدفع قدماً بقانون الحاخامين، وتعمل بوقاحة على تقديم تسهيلات لهذا الفرع من السلطة الغريبة الأطوار. من المؤسف أن تخوض إسرائيل حرباً قاسية وخطِرة، وهي غير موحدة فعلاً، وليس هناك مَن يخوض الحرب ضد "الإرهاب" بحكمة. فمن أجل الانتصار على "الإرهاب"، يجب الجمع بين الشجاعة العسكرية من دون تردد، وبين الحكمة السياسية والحرص الحقيقي على أمن الناس ورفاههم.
 

المزيد ضمن العدد