لا لاتفاق مليء بالثقوب يحوّل سكان الشمال إلى دروع بشرية
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- لاقى الضغط الأميركي المتزايد من أجل إنهاء الحرب في الشمال تجاوباً لدى المسؤولين الرفيعي المستوى في الجيش، وفي المستوى الأمني، من أجل وقف الحرب، قبل أن تتدهور إلى حرب طويلة في لبنان، وأيضاً لدى المستوى السياسي الذي لا ينوي معالجة مشكلة حزب الله بصورة جذرية.
- مقارنة سريعة بين أهداف الحرب التفصيلية في غزة وبين هدفها المحدود في لبنان، والذي يتركز على العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم، يمكنها أن تدلنا على التوجه. ومَن سأل عن الموضوع لم يكذبوا عليه. فمنذ بداية المناورة البرية في لبنان، كان واضحاً أنها محدودة وموجهة إلى معالجة البنى التحتية "الإرهابية" القريبة، وبعدها الاستمرار في عمليات سياسة "جزّ العشب". قيل مثل هذا الكلام بشأن هذا الموضوع في مكتب رئيس الحكومة، وأيضاً عند وزير الدفاع.
- لكن عرض الأمس الذي هدف إلى الهروب نحو اتفاق من دون إخضاع حزب الله، سواء من خلال اتفاق، أو عملية عسكرية، تحوّل إلى مشهد دامٍ من المفاوضات بين المسؤولين الرفيعي المستوى في إدارة بايدن الذين زاروا إسرائيل وبين نتنياهو وغالانت. جاء عاموس هوكشتاين وبريت ماكغورك إلى هنا من أجل التوسط فيما فشل فيه هوكشتاين نفسه خلال عام، أي التوصل إلى إطار اتفاق لوقف النار. الأميركيون ليسوا معنيين بالدخول في التفاصيل، بل بالتوصل إلى التهدئة.
- يريدون في إسرائيل أيضاً خفض الخسائر. لقد وصف سياسي إسرائيلي مخضرم ما يحدث بالسباق مع الزمن: فكلما مرّ وقت أطول على اغتيال نصر الله وتفجير البيجر، كلما قلّصت إنجازات حزب الله الفجوات في مواجهة إسرائيل، وعندما ندفن أمواتنا، تصبح مسألة "ماذا بعد" جوهرية.
- قال نتنياهو في الأمس: "إن حزب الله لن يكون موجوداً على حدودنا الشمالية، ولا في مواقع تبعد أمتاراً قليلة عن حدودنا. الاتفاقات والأوراق والمقترحات وأرقام القرارات (1559؛ 1701) أقدّرها كلها، لكنها ليست الأساس. الأساس هو قدرتنا وتصميمنا على فرض الأمن والتصدي لأيّ هجمات ضدنا والعمل ضد تسلّح أعدائنا".
- الأمر ليس أساسياًـ لكننا نحن بالتأكيد على الطريق نحو اتفاق مشابه للقرار 1701 الذي لم يحترمه حزب الله قط، ولم تكلف إسرائيل نفسها عناء فرضه. المواطنون السبعة الذين قُتلوا في الأمس جرّاء قصف المدن والكيبوتسات، هم دليل على نيات حزب الله الذي بعكس ما قيل حتى الآن، لا يتردد في مواصلة الحرب، وفي قتل المدنيين. لم يصب إطلاق النار المتعمد عسكريين، بل أصاب مواطنين من المفترض أنهم خارج الخطوط الحمراء. لكن حزب الله يثبت، المرة تلو الأُخرى، أنه تنظيم "إرهابي". فقط الذين أغمضوا أعينهم في المستويَين السياسي والعسكري في 7 أكتوبر، يستطيعون تسويق مثل هذا الاتفاق المثقوب الذي سيحوّل سكان الشمال إلى دروع بشرية.
- إن رغبة المواطنين الإسرائيليين في رؤية نهاية المعركة ورغبة الجيش الإسرائيلي في عدم الغرق من جديد في الوحل اللبناني في الشتاء، يجب أن نأخذها في الحسبان. لكن يجب عدم الاستمرار في استخدام الوسائل عينها (من نوع اتفاق لا قيمة له)، وأن ننتظر الحصول على نتائج مختلفة. لقد كنا نتوقع من نتنياهو وغالانت ورئيس الأركان استخدام أسلوب عمل مختلف، وليس عملية "تنظيف" للقرى المحاذية للسياج الحدودي، بل إزالة التهديد الصاروخي لأراضي إسرائيل، وليس التهديد بحرب طويلة لا فائدة منها. يجب توجيه الضغط نحو الولايات المتحدة وفرنسا اللتين لا تريدان رؤية لبنان وهو يتحول إلى خراب، وإجبار حزب الله على التخلي عن سلاحه. إنهاء الحرب من دون تحقيق الأمن لسكان الشمال هو تعريض كلّ مَن يجرؤ من السكان على العودة إلى منزله، في ظل وعود فارغة، لِما حدث في "غلاف غزة".