يجب ألا تخافوا من العلَم الفلسطيني
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • هناك شيء غير متناسب وغير مقبول في الرد القاسي الذي يهدد بنكبة - أي المذابح والطرد لا أكثر ولا أقل - وردة الفعل على رفع أعلام فلسطين في التظاهرات في الجامعات. ما الذي يُغضب أعضاء الكنيست إلى هذا الحد؟ وما المخيف في رفع العلم الفلسطيني؟ ولماذا يرون في العلم تهديداً لجوهر وجودهم؟ ولماذا يوجد خوف على الوجود، أو على الأقل، لماذا يؤججون ويخلقون مثل هذا الخوف؟
  • ربما العلَم ليس مخيفاً إلى هذا الحد، وما يجري هو مجرد تحريض جامح، مَن يقوم به يعلم بأنه لا يوجد سبب، لا للخوف ولا للقلق. لكن حتى لو كان مثل هذا القلق موجوداً (وليس من المستبعد أنه موجود فعلاً)، فهو موجود في الأساس في قلوب الذين يؤمنون بأن استمرار الوجود اليهودي في إسرائيل مشروط باختفاء الشعب الفلسطيني وانقراضه، ومَن يريدون أن يحلوا محل الشعب الفلسطيني، ولا يريدون العيش إلى جانبه. مَن يعتقد أن وجوداً فلسطينياً إلى جانب وجود يهودي في فلسطين - إسرائيل، ومَن يؤمنون بقومية يهودية تقوم على المساواة، وغير استعمارية، لن يخيفهم رفع علَم فلسطيني. هم يعرفون أن تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، وليس زواله، هما السبيل إلى التغلب على الخوف. إن وجود شعب آخر مع رموزه يشكل تهديداً فقط لمن يريدون تأسيس وجودهم على إنكار وجود الآخرين.
  • إن مواجهة رفع الأعلام والأسباب التي أدت إلى رفعها، هما بداية الطريق لمواجهة الخوف. لذا، دعونا ندرس دلالات رفع الأعلام، لنفهم ماذا تعني هذه الحركة.
  • أولاً، هذا ليس علَم منظمة التحرير الفلسطينية، بل علَم شعب بأكمله، هو علَم الشعب الفلسطيني كله. شعب طُرد من وطنه، شعب تحول عدد كبير من أبنائه إلى لاجئين، وأولئك الذين بقوا في فلسطين، جزء منهم يخضع للاحتلال، وجزء آخر أصبح مواطناً في دولة تقول له جهاراً إنها ليست دولته، وتشرّع قوانين تضمن دونيته. إنه علَم شعب لا تريد دولة إسرائيل إجراء مفاوضات معه، ولا الاعتراف رسمياً بحقه في تقرير مصيره، إنه علم شعب لا يزال خاضعاً للاحتلال - وهو آخر شعب في العالم يخضع لهذا الوضع - وتواصل إسرائيل يومياً نهب أراضيه، وهدم منازله والاستيطان بالقرب منه، بحيث أصبحت حياته لا تطاق.
  • كل مَن لديه قلب ينبض ويؤمن بالعدالة، ليس لديه مشكلة مع رفع علم مَن يرضخون للاحتلال، والمقموعين والضعفاء واللاجئين.
  • من المهم أيضاً التذكير بحقائق أساسية: الذين تُسحَب الأرض من تحت أقدامهم ويتعرضون لخطر الإبادة هم الفلسطينيون، وليس اليهود في إسرائيل؛ اليهود هم الذين لديهم دولة ونصف دولة، ومَن لديهم أقل من نصف دولة هم الفلسطينيون؛ اليهود في إسرائيل، هم مَن لديهم الحاضر والمستقبل، والفلسطينيون هم الذين لا يوجد لديهم ماض، ولا حاضر، ولا مستقبل.
  • إن رفع العلم الفلسطيني هو حركة احتجاج على هذا الوضع، احتجاج على استمرار النهب والاحتلال والطرد وانعدام الأمل - ويجب أن نقرأه كاحتجاج على محو الوجود الفلسطيني والتهديد المستمر لمستقبله، وليس كتهديد لأي شيء آخر. إنه حركة رمزية للدفاع عن النفس، في عالم ينكر وجود مشكلة فلسطينية، أو وجود شعب فلسطيني، عالم تحول فيه الشعب الفلسطيني إلى شعب زائد في الكرة الأرضية.
  • السهولة التي من خلالها يجري الحديث عن التهديد بنكبة جديدة، تؤكد كل ما قيل أعلاه. وهذا يثبت إلى أي حد الوجود الفلسطيني هش ومهدَّد وعرضة لخطر دائم.

 

 

المزيد ضمن العدد 3797