إيران تبحث عن رد على التحدي الأميركي
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران قبل عام، تتخبط القيادة الإيرانية محاوِلةً بلورة رد مناسب على التحدي الأميركي من دون أن تنجح في ذلك حتى الآن. من حيث المبدأ تسعى طهران لبقاء الاتفاق ساري المفعول، لأنه جرى بفضله رفع معظم العقوبات التي فُرضت عليها بسبب نشاطاتها النووية وفاقمت وضعها الاقتصادي. علاوة على ذلك، عندما تنتهي صلاحية الاتفاق في العقد المقبل، سيُسمح لإيران بتوسيع مشروعها النووي والاقتراب من القفز إلى سلاح نووي. انسحاب الولايات المتحدة يطرح تساؤلات بشأن هذه المزايا.
  • حاولت إيران في مرحلة أولى إبقاء الاتفاق حياً، على الأقل إزاء الشركاء الآخرين في أوروبا، على أمل بألّا يُنتخب ترامب رئيساً لولاية ثانية في سنة 2020. واستند هذا الجهد إلى استعداد الحكومات الأوروبية للقيام بخطوات للالتفاف على العقوبات الأميركية، وحتى تعويض إيران من الأضرار الاقتصادية التي لحقت بها.
  • لكن هذا الرد لم يكن كافياً. فقد تغلبت العقوبات الأميركية على عمليات المساعدة الأوروبية، واستمر تفاقم الوضع الاقتصادي في إيران. نتيجة ذلك، طلبت إيران في الأشهر الأخيرة من الحكومات الأوروبية زيادة التعويض الاقتصادي الذي وعدت إيران به، بحسب ادعائها، في أعقاب الأضرار التي نجمت عن العقوبات. بالإضافة إلى ذلك، هددت إيران أنه من دون التعويض عليها فإنها ستوسع عملية تخصيب اليورانيوم وستعيده إلى المستوى الذي كان عليه قبل الاتفاق.
  • هذه التهديدات أوصلت إيران في 8 أيار/مايو إلى إعلان الوقف الفوري لتطبيق جزء من تعهداتها في إطار الاتفاق، ونيتها رفع مستوى تخصيب اليورانيوم خلال شهرين، إذا لم تفِ الحكومات الأوروبية بالتزاماتها بالتعويض عليها. وأعلنت طهران أن خطواتها هذه لا تشكل خرقاً للاتفاق، لكن من الواضح أنها إذا رفعت درجة التخصيب، كما قالت، فإن أي دولة من الدول المشاركة في الاتفاق لن تؤيد موقفها.
  • بالإضافة إلى ذلك، في المرحلة الحالية أعرب عدد من الدول المشاركة في الاتفاق، بينها روسيا، عن تحفظها عن الخطوة الإيرانية. كما أعلنت فرنسا أنه إذا لم تلتزم إيران بتعهداتها، فستُفرض عليها عقوبات جديدة. نتيجة ذلك، تقف إيران اليوم أمام خيارين صعبين: الأول، الالتزام بالاتفاق من دون الموافقة على مطالبها مع وضع اقتصادي صعب؛ والثاني، مواصلة خطواتها في الضغط، وهو ما سيؤدي إلى انهيار الاتفاق، وسيوحّد من جديد الحكومات الأوروبية والولايات المتحدة من أجل تشديد العقوبات، بينما ستتهم إيران بأنها هي المسؤولة عن ذلك.
  • نظرياً هناك خيار إضافي: مفاوضات جديدة لتحسين الاتفاق. إجمالاً، تبدي واشنطن وطهران اهتماماً علنياً بذلك، لكنهما يقصدان أموراً مختلفة تماماً. ترامب مهتم بمفاوضات تعالج النواحي الإشكالية في الاتفاق، مثل تمديد القيود المفروضة على المشروع النووي الإيراني، وفرض قيود أيضاً على مشروعها للصواريخ. في قضية الصواريخ يقترب موقف ترامب من موقف الحكومات الأوروبية القلقة من تحسين منظومة الصواريخ الإيرانية التي تغطي أوروبا كلها. من الواضح أن إيران ترفض هذه المطالب رفضاً كلياً. من جهتها هي مستعدة لإجراء مفاوضات شرط أن تنضم الولايات المتحدة مجدداً إلى الاتفاق وتلغي العقوبات الجديدة وتعتذر عن أعمالها. لا لزوم للقول إن ترامب لا يفكر في ذلك.
  • ازدياد الضغط الأميركي على إيران واحتمال انهيار الاتفاق النووي يطرحان إمكان حدوث مواجهة عسكرية بين إيران والولايات المتحدة. حدثان وقعا في الأسبوعين الماضيين زادا من التخوف: إرسال حاملة الطائرات "أبراهام لينكولن" إلى الخليج، ووصول قاذفات B-52 إلى قطر - بحسب الإدارة الأميركية لمواجهة تهديدات إيران؛ و"العمل الإرهابي" ضد أربع سفن - بينها سفن شحن سعودية للنفط - في الخليج بالقرب من شواطىء اتحاد الإمارات.
  • يمكن الافتراض أن الطرفين لا يرغبان في صراع عسكري، واحتمال حدوثه ضئيل. لأن آخر ما ترغب فيه إيران هو مواجهة مع قوة عظمى، موازين القوى حيالها واضحة. وترامب من جهته يؤمن بضغوط اقتصادية كبيرة وليس بعملية عسكرية. لكن نظراً إلى أن عدم وجود تواصل بين الطرفين، وشكوكهما ببعضهما، ولأن إيران تستخدم ميليشيات شيعية وهجمات لإخفاء تدخلها -  فإن احتمال حدوث تدهور غير مسيطَر عليه ليس أمراً مستحيلاً.