إسرائيل لن تجد دولة حليفة لها في العالم تستطيع أن تحلّ محلّ الولايات المتحدة
تاريخ المقال
المصدر
- في الأسبوع الماضي سألت عضواً في مجلس النواب الأميركي: "هل تعبت أميركا من العالم؟"، فأجابني: "نعم هذا صحيح، لقد تغيرت أميركا، وهي تتغير. لقد فشلنا في الحربين الأخيرتين اللتين خضناهما في أفغانستان والعراق، وفقد الجمهور الأميركي اهتمامه بالشرق الأوسط. ونحن اليوم نوظف كامل طاقتنا في المنافسة مع الصين، فعلى الأقل هناك نحن نعرف من هو العدو ونستطيع أن نراه".
- الأحاديث التي تبادلتها مع نواب آخرين عمّقت هذا الشعور، فالمعروف أن النواب الأميركيين هم أول من يشعر بالأجواء التي تسود بين الجمهور، وهم يدركون أن السياسة الخارجية الأميركية بصورة عامة وحيال الشرق الأوسط بصورة خاصة، استُنفدت.
- وفي الواقع، هذا ما يظهره أيضاً الاستطلاع الذي أجراه معهد بيو، فقد تبين أن 52% من الجمهور الأميركي لا يرغب أن تزيد الولايات المتحدة تدخلها في النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، في حين أن 39% يرغبون أن تقلل الولايات المتحدة هذا التدخل، و36% فقط يريدون أن يبقى التدخل الأميركي على ما هو عليه اليوم. ويعني هذا أن الأغلبية الساحقة من الأميركيين تفضل عدم التدخل، وبالتالي فإن وزير الخارجية الأميركي لا يمثل هذه الأغلبية، بل يمثل 21% فقط من الأميركيين يعتقدون أن على واشنطن زيادة تدخلها في هذا النزاع.
- تجمع المرحلة الجديدة في واشنطن أمرين: الخيبة والأمل. فقد وظفت الولايات المتحدة في القضايا الخارجية مئات المليارات من الدولارات، ولكنها لم تحصد غير خيبة الأمل. أما في القضايا الداخلية، فناضلت بشدة من أجل القضاء على الفجوات الاجتماعية الكبيرة، وهي تأمل أن تستعيد الحياة والمبادرة الخلاقة التي كانت دائماً من سماتها.
- في أحاديثي مع النواب الأميركيين ومع كبار الموظفين الحكوميين، هناك إصرار على المحافظة على مكانة الولايات المتحدة قوة عظمى مؤثرة. ويعتقد هؤلاء الموظفون أنهم لعبوا دوراً مباشراً في اتفاق جنيف مع إيران، وأنهم دفعوا المجتمع الدولي إلى فرض العقوبات على إيران، ونجحوا في لجم البرنامج النووي الإيراني.
- إن المصلحة الإسرائيلية واضحة، فعندما تكون الولايات المتحدة قوية، فهذا يعني أن إسرائيل قوية. نحن نفخر بنجاحاتنا الاقتصادية وبقوتنا العسكرية، لكن علينا ألا ننسى أننا نعتمد اعتماداً كبيراً على التصدير من إسرائيل، وأن البيئة التي تحيط بنا القريبة والبعيدة في أغلبيتها الساحقة، معادية لنا. ليس هناك أي دولة أخرى تريد أو تلمح إلى أن لديها مصلحة في الحلول محل الولايات المتحدة في علاقتها بإسرائيل. وفي الواقع، أيّ دولة تستطيع أن تقدم لنا مساعدة تقدر بثلاثة مليارات دولار سنوياً؟ ومن يمكنه مساعدتنا في تطوير صاروخ "حيتس" والقبة الحديدية وغيرها من منظومات السلاح الدفاعي؟ وأيّ دولة مستعدة للاستقالة من الأونيسكو بعد قبول عضوية السلطة الفلسطينية؟ ومن يحارب على المنابر الدولية ضد نزع الشرعية عن إسرائيل؟ ومن يمنع السلطة الفلسطينية من الحصول على منصب عضو في الأمم المتحدة؟
- إن الغبطة التي أظهرها بعض الإسرائيليين من جراء تراجع مكانة الولايات المتحدة مهزلة، ويتعين علينا مساعدة الولايات المتحدة والإدارة وحتى الرئيس الأميركي، كي نثبت أن السياسة الأميركية الخارجية لم تذهب هباء وأن في إمكانها تحقيق إنجازات. وكلما كبرت خيبة الأمل من هذه السياسة، ستكون إسرائيل أول من يدفع الثمن.
- لا يعني هذا أن على إسرائيل أن تضع كل بيضها في سلة واحدة. وفي الواقع، نحن نطور شبكة علاقاتنا مع دول أخرى في أوروبا وغيرها. لكن الراهن اليوم أن أياً من هذه العلاقات لم يصل بعد إلى حد تقديم الدعم الجارف لإسرائيل، مثل الذي تقدمه الولايات المتحدة.