هل هناك خطر تسلل التيارات السلفية الجهادية إلى الساحة الفلسطينية - الإسرائيلية؟
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال
  • في الفترة الأخيرة اطّلع الجمهور الإسرائيلي على حادثتين بارزتين قام فيهما ناشطون على علاقة بالقاعدة والتيار السلفي الجهادي، بعمليات إرهابية في إسرائيل ومناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. جاء ذلك في ظل المخاوف التي تسود في إسرائيل إزاء احتمال نشوب انتفاضة ثالثة جديدة في يهودا والسامرة، مما يدفع إلى طرح السؤال التالي: هل بدأت العناصر المرتبطة بالقاعدة والتيار السلفي الجهادي القريب من القاعدة وعناصر الجهاد العالمي، بلعب دور مهم في التحريض في المناطق والتسبب بتصعيد عنيف واسع النطاق؟
  • تناولت الحادثة الأولى عملية الاعتقال الإداري التي جرت سنة 2012 لعبد اللطيف برق، وهو مواطن كويتي من أصل فلسطيني، تسكن عائلته في قلقيلية، حاصل على شهادة دكتوراه في البيولوجيا من جامعة في باكستان، تدرّب في معسكرات القاعدة في أفغانستان في مطلع التسعينيات، وجنّد ضمن صفوف القاعدة على يد أيمن الظواهري، الزعيم الحالي للتنظيم. وهو متورط في عمليات إرهابية خطط لها أبو مصعب الزرقاوي في الأردن في أعقاب هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001. اعتُقل في باكستان وجرى تسليمه إلى الأردن بعد اطلاق سراحه. حاول الدخول إلى إسرائيل، وحينها ألقت قوات الأمن الإسرائيلية القبض عليه، وهو منذ ذلك الوقت قيد الاعتقال الإداري.
  • أما الحادثة الثانية فوقعت في بداية كانون الأول/ديسمبر 2013 وجرى خلالها القضاء على خلية مؤلفة من ثلاثة أعضاء من سكان بلدة يطا التي تقع جنوبي جبل الخليل، وتنتمي المجموعة إلى التيار السلفي الجهادي وكانت تخطط لهجمات في إسرائيل.
  • تجدر الإشارة إلى أنه منذ سنة 2000، أُحبطت عدة محاولات تسلل قام بها نشطاء في القاعدة إلى إسرائيل وغزة ويهودا والسامرة من أجل جمع معلومات استخباراتية وإقامة بنية تحتية ارهابية.
  • وخلال الأعوام الأخيرة ألقت إسرائيل القبض على عدة خلايا إرهابية تتعاطف مع أفكار الجهاد العالمي. ففي حزيران/يونيو 2010 أُلقي القبض على خلية مؤلفة من سبعة شبان تراوح أعمارهم بين 21 و25 سنة من سكان الناصرة تعرفوا من خلال الإنترنت على الأفكار السلفية الجهادية، وتعلموا عبرها كيفية استخدام السلاح وتركيب العبوات الناسفة. ومن أجل اثبات قدراتهم وجدارتهم للانتماء إلى تنظيم "القاعدة العالمي" قتل ثلاثة من أعضاء الخلية في تشرين الأول/نوفمبر 2009 سائق سيارة الأجرة يافيم فاينشتاين. وذهب أعضاء الخلية بعد ذلك إلى الصومال للتدرب في صفوف حركة "الشباب" الصومالية، ولكن ألقت السلطات الكينية القبض عليهم على معبر الحدود مع الصومال وسلمتهم إلى إسرائيل. في أيلول/سبتمبر 2011 جرى القبض على خلية جديدة مرتبطة بالتيار السلفي الجهادي تضم خمسة شبان من قرية دبوريه، وكانت المجموعة تخطط لمهاجمة جنود ورجال شرطة وسرقة سلاحهم، ومهاجمة مركز الشرطة في قرية دبوريه ومكاتب الحكومة.
  • ساهمت حرية التحرك النسبية في قطاع غزة منذ خطة الانفصال [2005] في نشوء مجموعات وتنظيمات إرهابية في غزة قريبة من أفكار التيار السلفي الجهادي، وجزء من هؤلاء نشطاء في "حماس" أو في تنظيمات قريبة منها.
  • أدت الاضطرابات التي شهدها العالم العربي والضرر الذي ألحقته بالسلطات الحاكمة إلى نشوء مناطق في الشرق الأوسط مريحة لتحرك العناصر السلفية الجهادية، سواء في سيناء أم في سورية ولبنان القريبتين من إسرائيل. وخلال السنتين الأخيرتين شهدت هذه المناطق تجمع عناصر الجهاد العالمي الأجانب. والتخوف اليوم من أن يشجع هؤلاء على زيادة العمليات الارهابية من جانب مؤيديهم وشركائهم في مناطق يهودا والسامرة وضد إسرئيل.
  • ساهم ارتفاع درجة العنف في الأشهر الأخيرة في مناطق يهودا والسامرة، وذلك من خلال وقوع عدد من الهجمات أدت إلى مقتل أربعة جنود ومدنيين إسرائيليين، مع تزايد أعمال رشق الحجارة والزجاجات الحارقة في القدس ومناطق يهودا والسامرة، في زيادة المخاوف من أننا قد نكون على مشارف جولة عنف جديدة. وما يزيد هذه المخاوف هو الأصوات التي تتنبأ بفشل المفاوضات السياسية الجارية حالياً بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والتقديرات بأن هذا الأمر سيؤدي إلى تجدد العنف.
  • لكن حتى الآن، تبدو ردة فعل التنظيمات الفلسطينية المعارضة لحكومة السلطة ومن بينها "حماس" والجهاد الإسلامي، على المفاوضات، معتدلة مضبوطة نسبياً، ربما لاعتقاد هذه التنظيمات أن لا فائدة منها. بيد أن امتناع "حماس" والتنظيمات الأخرى عن القيام بعمليات إرهابية ضد إسرائيل، أدى إلى زيادة انتقال الأعضاء الذين خاب أملهم من هذه التنظيمات، إلى تنظيمات التيار السلفي الجهادي التي تدعم استمرار العنف.
  • في ظل هذه العوامل كلها، هناك قلق من أن تقوم التنظيمات السلفية الجهادية وتنظيمات الجهاد العالمي في المستقبل بلعب دور أكبر في القيام بهجمات إرهابية ضد إسرائيل. لكن في ضوء الطابع المحدود للمحاولات التي اكتشفت سابقاً، لا يمكن اعتبار أنها تشكل حتى الآن توجهاً جديداً.
  • لكن إذا تحققت المخاوف وتحولت الهجمات المحدودة إلى تيار جارف من الأعمال الإرهابية يقوم بها التيار السلفي الجهادي، فإن ذلك سيطرح تهديدات جديدة على قوات الأمن الإسرائيلية وعلى السلطة الفلسطينية وعلى جيراننا في كل من مصر وغزة.
 

المزيد ضمن العدد 1795