حلم "أرض إسرائيل الكبرى" ما زال مسيطراً على معظم الجمهور في إسرائيل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       يمكن القول إن الحجج الأمنية التقليدية لا تشكل السبب الوحيد الذي يمنع إسرائيل من الانسحاب من الضفة الغربية، ذلك بأن الخطر المصيري الأكبر الذي يتهددها موجود في إيران، في حين أن خطر "الإرهاب" يأتي من لبنان أو من غزة، وقد سبق أن انسحبت إسرائيل منهما. ولا شك في أن [رئيس الحكومة الإسرائيلية] بنيامين نتنياهو يقصد، عندما يعرب عن خشيته من إعادة نشوء الجبهة الشرقية، كلاً من العراق وإيران، وليس رام الله.

·       في المقابل، فإن خطر تفكك الائتلاف الحكومي لا يمكن أن يشكل حجة وجيهة للامتناع من الانسحاب، ذلك بأنه حتى عندما تولت السلطة في إسرائيل ائتلافات حكومية مؤلفة من أحزاب الوسط واليسار، وكان في إمكانها أن تتخذ قراراً يقضي بالانسحاب وأن تنفذه، فإنها لم تدرج موضوع الانسحاب في جدول أعمالها.

·       بناء على ذلك، فإن رفض إسرائيل الانسحاب [من الضفة الغربية] ناجم عن سبب آخر كامن في وعي عام تتحكم فيه قناعة راسخة فحواها أن حلم أرض إسرائيل الكبرى أصبح حقيقة. وعلى ما يبدو، فإنه على الرغم من أن شعار دولتين لشعبين هو شعار جميل ومنطقي، ويمكن أن يدل على تفكير سياسي واقعي، إلا إنه لا يستطيع أن يحل عقدة السيطرة أو أن يقضي على حلم.

·       ويشكل هذا الوعي العام مصدر حالة الفصام التي تعيشها إسرائيل، ذلك بأنها تظهر، من جهة أولى، بمظهر الدولة المنطقية المستعدة للمفاوضات المباشرة، بل المتلهفة لها، بينما يظهر رئيس الحكومة بمظهر الذي اقتنع بضرورة تقديم تنازلات إلى الفلسطينيين - متجنباً طبعاً الحديث عن الانسحاب - وبمظهر الذي يدرك وطأة الضغوط الأميركية وتداعيات الاحتلال على دولة إسرائيل، إلا إنه من جهة أخرى يبقى هو وحكومته، في معظم الأوقات، غارقين في الحلم المذكور.

·       إن هذه الحالة المَرَضيّة غير منحصرة في حكومة الليكود أو في اليمين الإسرائيلي المتطرّف فحسب، بل إنها تنطبق أيضاً على الجمهور الإسرائيلي في معظمه. إن هذا الجمهور ليس يمينياً، على الرغم من أنه منح أحزاب اليمين أغلبية أصواته، بل إنه جمهور حالم، أو تعوّد على حلم مستمر منذ 43 عاماً. أما اليمين الإسرائيلي ذاته فإنه، من فرط استغراقه في الحلم، على استعداد لضم المناطق [المحتلة] إلى إسرائيل مع السكان الفلسطينيين الذين يعيشون فيها، والذين يبلغ عددهم ثلاثة أو أربعة ملايين نسمة، وفي الوقت نفسه، فإن هذا اليمين على استعداد للتنازل عن مناطق داخل إسرائيل يعيش فيها عرب إسرائيليون.

ويمكن القول إن [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس يدرك أعراض هذه الحالة، ولذا، فإنه ما زال يتجنب الاقتراب [من المفاوضات المباشرة] قبل أن يحصل على ضمانات تتعلق بمستقبل حلمـه.