· يدرك كثيرون في إسرائيل أن استمرار الوضع القائم سيدفع بنا نحو مسار يفضي إلى نهاية الصهيونية، ذلك بأننا نغرق شيئاً فشيئاً في مستنقع دولة ثنائية القومية، وإذا لم نقسم البلد سريعاً فإن دولة إسرائيل ستغرق هي أيضاً في نهاية الأمر في هذا المستنقع. ومع ذلك، يُخيّل لهؤلاء أنه لا توجد طريق لتقسيم البلد، فضلاً عن أن الفلسطينيين غير مستعدين للتنازل عن "حق العودة".
· في المقابل، فإنه في إثر الانفصال عن غزة [سنة 2005]، تعرّض تأييد الإسرائيليين للتقسيم الأحادي الجانب للتأكل. لكن يبدو لي أن هذا التأكل غير مبرر، ذلك بأن أي عملية انسحاب أحادية الجانب يمكن أن تقدم إسرائيل عليها يجب ألاّ تكون مثل الانفصال عن غزة في حينه. وعلى الرغم من أن انسحاباً أحادي الجانب من هذا القبيل من يهودا والسامرة [الضفة الغربية] هو أفضل من استمرار الوضع القائم، إلا إن كثيرين يرون أنه لا يجوز إخلاء 70 ألف مستوطن إلا في مقابل سلام كامل [مع الفلسطينيين].
· هل يمكن تقسيم البلد من دون اتفاق سلام؟ أعتقد أنه يمكن، وإذا لم يكن لدينا الآن شريك للسلام فلربما يكون لدينا شريك لانسحاب أحادي الجانب. إن المفتاح لتحقيق ذلك كامن في فصل موضوع تقسيم البلد عن موضوع الانسحاب، بواسطة عدم اشتراط التقسيم بالانسحاب.
· يمكـن لإسـرائيـل، بـدايـة، أن تسـنّ قانـون الإخـلاء ـ التعـويـض فيـما يتعـلـق بـ [المستوطنين في] الضفة الغربية، ولا شك في أن هذا القانون سيقلص إلى حدّ كبير مشكلة المستوطنات. كما يمكن أن يتم تنسيق هذا الانسحاب مع السلطة الفلسطينية بصورة منظمة ومتدرجة. من ناحية أخرى، فإن في إمكاننا هذه المرة أن ننفّذ الانسحاب برعاية دولية. ولا شك في أن كلاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا ـ بل ربما جامعة الدول العربية ـ ستدعم خطوة كهذه ترمي إلى إنهاء الاحتلال، وثمة احتمال كبير في أن تمنح هذه الخطوة ضمانات اقتصادية أو حتى عسكرية في هيئة قوة دولية.
بهذه الطريقة يكون في إمكاننا أن نبدأ تقسيم البلد وأن نؤجل إنهاء النزاع إلى موعد آخر. ويظل الأمر الجوهري هو أن هذه الطريقة ستسفر عن إقامة دولتين قوميتين، وعن عدم تدهور الصهيونية نحو القاع.