إيران أصبحت الآمر الناهي فيما يتعلق بلبنان
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

·       يتبين الآن أن قيام الجيش اللبناني بإطلاق النار على جنود الجيش الإسرائيلي في منطقة الحدود الشمالية كان بمبادرة محلية من دون معرفة أصحاب القرار في بيروت. ومع ذلك، فإن من الأهمية بمكان أن نفهم السمات العامة التي تميّز لبنان على مدار الأعوام الأربعة التي مرّت منذ انتهاء حرب لبنان الثانية.

·       في رأيي هناك أربع سمات مركزية: السمة الأولى، ثمة هدوء مطلق في منطقة الحدود يعتبر هدوءاً غير مسبوق منذ 40 عاماً، إلى درجة أن عملية مثل اغتيال [المسؤول العسكري في حزب الله] عماد مغنية، والتي جرى تحميل إسرائيل المسؤولية عن ارتكابها، لم تسفر عن قيام هذا الحزب بخرق الهدوء. كما أن هذا الحزب لم يستغل حادثة إطلاق النار الأخيرة للاشتراك فيها، وفضّل أن ينأى بنفسه عنها. ولا بُد من القول إن هناك سببين مركزيين لهذا الهدوء في الحدود الشمالية: أولاً، قوة الردع الاستراتيجية الإسرائيلية؛ ثانياً، وهو السبب الأهم، وجود مصلحة إيرانية في عدم إشعال هذه الحدود إلا عند الضرورة القصوى.

·       السمة الثانية هي قيام حزب الله باستغلال هذا الهدوء، ومن خلال مساعدات مكثفة من إيران وسورية، من أجل تعزيز قوته العسكرية وتحسين قدراته العملانية، على الرغم من أن ذلك يعتبر انتهاكاً فظاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701. فضلاً عن ذلك، فإن التعاون العسكري بين حزب الله والجيش السوري، ولا سيما في مجالي الاستخبارات والعمليات العسكرية، تم تعزيزه بصورة كبيرة للغاية. وعملياً، فإن حزب الله أصبح الذراع التنفيذية لسورية في لبنان.

·       السمة الثالثة هي قيام حزب الله بتعميق انخراطه في المؤسسة السياسية اللبنانية، بحيث أصبح جزءاً من الحكومة اللبنانية وبات يحظى بحق النقض [فيتو] إزاء قراراتها. وقد حدث ذلك في إثر قيام حزب الله، في أيار/ مايو 2008، بفرض إرادته على السلطة اللبنانية وإثبات أنه صاحب النفوذ والرأي في لبنان. وفي ضوء ذلك، بات على الحكومة اللبنانية أن تأخذ الحزب ورغباته في الحسبان، وأن تتبنى خطاً سياسياً مناهضاً لإسرائيل، وبالتالي، لم يعد هناك تقسيم بين معسكر "الأشرار" الذي يضم حزب الله وحلفاءه، وبين معسكر "الأخيار" الذي يضم رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري وحلفاءه.

السمة الرابعة هي قيام سورية بترميم مكانتها في لبنان، مقارنة بوضعها الدوني عشية حرب لبنان الثانية وعقب عملية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري سنة 2005. ومع ذلك، فإن سورية خسرت مكانتها السابقة باعتبارها الجهة الآمرة الناهية الحصرية، وأصبحت شريكة لكل من إيران وحزب الله. ويبدو أن مفتاح إشعال الحدود الشمالية لم يعد في يد سورية وإنما في يد إيران، فضلاً عن أنها خسرت القدرة على ضم لبنان تلقائياً إلى تسوية محتملة مع إسرائيل. وإجمالاً، يمكن القول إن إيران في الوقت الحالي هي الجهة الآمرة الناهية فيما يتعلق بشؤون لبنان كلها.