وقف التعاون الأمني مع تركيا سيلحق بإسرائيل ضرراً استراتيجياً فادحاً
تاريخ المقال
المصدر
- لا شك في أن الضرر الاستراتيجي الذي من المتوقع أن يلحق بإسرائيل في حال اتخاذ تركيا خطوات عملية تهدف إلى تنفيذ قرارها القاضي بوقف التعاون الأمني - العسكري بين الدولتين [ردًا على رفض الحكومة الإسرائيلية تقديم اعتذار رسمي إلى الحكومة التركية عن عملية السيطرة على سفينة مرمرة التي كانت متجهة إلى غزة في أيار/ مايو 2010] سيكون فادحًا للغاية.
- فإسرائيل، منذ الآن، تُعتبر دولة معزولة في الشرق الأوسط بسبب الثورات التي تشهدها الدول العربية، ولا سيما مصر، كما أنه من المعروف أن شعورًا كبيرًا بالإحباط يسود أروقة وزارة الدفاع الإسرائيلية جرّاء هذا الوضع، ولذا لم يكن من قبيل المصادفة أن وزير الدفاع إيهود باراك، ورئيس هيئة الأركان العامة اللواء بِني غانتس، تكلما على ضرورة إيجاد صيغة ترضي تركيا ولا تمس كرامة إسرائيل، لكن الحكومة الإسرائيلية لم تقبل بموقفهما.
- إن الضرر الاستراتيجي الفادح الذي سيلحق بإسرائيل جرّاء قطع علاقات التعاون الأمنية بينها وبين تركيا سيكون ناجماً أولاً وقبل أي شيء عن فقدان حليف إقليمي أساسي يُعتبر لاعباً مركزياً ضمن المحور السعودي - الأميركي في مواجهة "محور الشر"، فضلاً عن كون تركيا حليفاً مهماً لإسرائيل في مواجهة أي نظام سيتسلم دفة السلطة في سورية في المستقبل. ومن ناحية أخرى، فإن من الممكن أن تنعكس الأزمة الحادة مع تركيا على جوهر العلاقات الإسرائيلية - الأميركية، ذلك بأن الإدارة الأميركية بحاجة ماسة في الوقت الحالي إلى علاقاتها الوثيقة بتركيا كي تبقى عاملاً مؤثرًا فيما يحدث في الدول العربية.
- وعلينا ألاّ ننسى أن تركيا هي شريك مهم لإسرائيل في محاربة "الإرهاب" الإقليمي والعالمي، كما أن علاقات وثيقة في مجال التعاون الاستخباراتي تربط الدولتين، فضلاً عن كون السوق التركية سوقاً مهمة للصناعات الأمنية الإسرائيلية.
- وأخيرًا فإن من المتوقع في حال استمرار تدهور العلاقات بين الدولتين أن تقدّم تركيا شكاوى قانونية إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد كبار ضباط الجيش الإسرائيلي الذين كانوا ضالعين في عملية السيطرة على سفينة مرمرة، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يكون هؤلاء الضباط عرضة للملاحقة القانونية في العالم كافة.
- ومع ذلك، فإن من الخطأ اعتبار تركيا حالة ميؤوساً منها، وعلى المؤسسة السياسية في إسرائيل أن تبذل كل ما في وسعها للحؤول دون تدهور العلاقات بين الدولتين إلى درجة المواجهة المباشرة والعملية.