عدم استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين ربما يؤدي إلى خسارة التحالفات الاستراتيجية مع تركيا ومصر والأردن
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- كان على التدهور السريع للعلاقات مع تركيا في أعقاب نشر تقرير بالمار، وردات الفعل المصرية على الأحداث الأخيرة على الحدود مع إسرائيل، أن يبيّنا للحكومة الإسرائيلية أن عدم استئناف مفاوضات التسوية مع الفلسطينيين ينطوي على خطر خسارة التحالفات الاستراتيجية مع تركيا ومصر والأردن.
- ومن المحزن أن تكتشف إسرائيل لاحقاً أن الجمود السياسي الذي تسبب به رفض بنيامين نتنياهو القبول بحدود 1967 أساساً للمفاوضات مع الفلسطينيين بحجة أنها حدود غير قابلة للدفاع، هو الذي أدى في نهاية الأمر إلى خسارتها العمق الاستراتيجي السياسي الذي حظيت به في أعقاب توقيع اتفاقات السلام مع مصر والأردن.
- إن تحسن المكانة الدبلوماسية للفلسطينيين في أعقاب توجههم إلى الأمم المتحدة، وغياب العملية السياسية، سيؤديان إلى وضع يضع إسرائيل في مواجهة موجات جديدة من الاحتجاج تكون في البداية شعبية سلمية، ثم تتدهور لاحقاً بحيث تؤدي إلى انفجار أعمال العنف. ومن شبه المؤكد أن هذه الأحداث ستتسبب بخروج التظاهرات في ميادين القاهرة وعمّان وإستانبول تضامناً مع الفلسطينيين.
- إن وقوع مثل هذه الأحداث سيخدم التوجه السياسي - الديني لرئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، الذي بعد تراجع مكانة مصر والسعودية وتصاعد قوة إيران، أخذ يدفع تركيا نحو اتخاذ مواقف صارمة من المواجهات الدائرة في الشرق الأوسط. وإذا كان أردوغان اتخذ موقفاً متشدداً من دور نظام الأسد في الأحداث الدموية التي تشهدها سورية، فكم بالأحرى أن يتخذ مثل هذا الموقف تجاه إسرائيل خلال المواجهات التي ربما تدور بين إسرائيل والفلسطينيين في المناطق الفلسطينية التي يعتبرها العالم كله مناطق محتلة، ويرغب في أن تقوم فيها دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
- من جهة أخرى ليس في إمكان مصر بقيادة الزعامة الموقتة لمحمد حسين طنطاوي، ولا للملك عبد الله في الأردن، تحمل الضغط الشعبي في بلديهما المطالبين بالتضامن العربي مع الفلسطينيين. ومن شأن هذا الضغط أن يزداد في حال تأليف حكومة مصرية منتخبة يشارك فيها الإخوان المسلمون، كما سيؤدي إلى تلاشي محاولات الملك عبد الله استيعاب "الربيع العربي".
- إن استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، علاوة على الرغبة الجادة في التوصل إلى اتفاق ضمن إطار "خطاب أوباما"، لن يجعلا العالم العربي أكثر تعاطفاً مع إسرائيل، وإنما سيحولان دون نشوب النار التي ستحلق الضرر بها. كما أن استئناف المفاوضات سيدل على استعداد إسرائيل للتمييز بين "العناصر الجيدة" المؤيدة للتسوية السلمية، وبين " الأشرار" الرافضين لها، وسيسمح أيضاً للولايات المتحدة ولأوروبا بالوقوف ضد سعي إيران للحصول على القدرة النووية العسكرية، الأمر الذي في حال حدوثه سيسرع من السباق على التسلح في المنطقة، وسيغير موازين القوى الإقليمية، وسيؤدي إلى زعزعة الاستقرار الذي تحتاج إليه إسرائيل.