صوت العرب المعارض للحرب هو صوت الديمقراطية

فصول من كتاب دليل اسرائيل

المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • بعد أربعة أيام على "المذبحة" في "غلاف غزة"، وبينما كان البلد كله تحت وقع الصدمة والألم والخوف من الآتي، جاء وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى سديروت، وصرّح بالتالي: "أعتقد أن في انتظارنا سيناريو حارس أسوار 2". هذا الكلام ليس له أي مقابل على الأرض. لكن الرسالة واضحة، في الحكومة، هناك مَن يستغل الحرب وشعور الجمهور بالغضب والإحباط لتصفية حساباته، ليس فقط مع "حماس"، بل أيضاً مع المواطنين العرب في الدولة.
  • برز هذا الموقف بصورة واضحة في الأمس، مع ملاحقة 4 أعضاء كنيست سابقين بتهم باطلة، أرادوا التظاهر ضد المساس بالأبرياء في قطاع غزة. طوال الحرب، لم يدخل الجمهور العربي في لعبة بن غفير ورفاقه، ووقفوا بصورة واضحة ضد قتل الأبرياء. وأشار العديد منهم إلى أن بين ضحايا "المجزرة" 18 مواطناً عربياً، وهناك 6 مخطوفين. وبخلاف الجولات السابقة، وخصوصاً "حارس الأسوار"، كانت ردة فعل الجمهور العربي موزونة وملائمة، على الرغم من الصور القاسية التي تدفقت من غزة.
  • يجب أن نتذكر أن الجمهور الإسرائيلي كله غارق في حزن عميق وإحباط وثكل، ويكاد لا يهتم بما يجري في غزة، باستثناء مسألة المخطوفين. وذلك على عكس المواطنين العرب الذين يطّلعون على كمّ هائل من المعلومات والصور التي تدفقت من غزة، وبينها صور مفجعة لأولاد ونساء تحت الأنقاض في القطاع.
  • الجمهور العربي يشاهد، ويحزن، ويغلق فمه. لقد تركزت ردات الفعل جميعها على صعيد واحد: لا للمساس بالأبرياء، ولا للعقاب الجماعي ضد مليونَي إنسان يعيشون في قطاع غزة، وليسوا من مؤيدي "حماس". في المقابل، أعلنت الشرطة والنيابة العامة توجيه عشرات لوائح الاتهام واعتقال مواطنين عرب بسبب منشور اعتُبر تحريضاً وتأييداً لـ"الإرهاب" أو تعاطفاً مع "حماس"، وهذه الملفات لم تحسمها المحكمة. لكن هناك عشرات الملفات التي فُتحت ضد أطباء وأساتذة جامعات وطلاب، وجدوا أنفسهم في وسط عاصفة تحريض هوجاء، بعضها بسبب منشورات قديمة لا يرِد فيها أي تعاطُف مع "حماس".
  • يمكن العثور على دليل على سلوك المواطنين العرب في كلام المفوض العام للشرطة نفسه: "يجب أن نقول كلمة طيبة عن سلوك العرب المثالي وعدم وقوع أي حوادث". هذا الكلام قاله المفوض العام للشرطة كوبي شبتاي، بعد بضعة أيام على تهديده المواطنين العرب بإرسالهم إلى غزة، إذا ما أرادوا الاحتجاج على الحرب.
  • يتعين على بن غفير، وعلى شبتاي، وكل المسؤولين عن إنفاذ القانون، أن يفهموا أن المواطنين العرب متمسكون بحقهم في التعبير عن موقفهم الواضح ضد الحرب، وضد المساس بالأبرياء. إذا كانت واشنطن وبرلين تسمحان بالتظاهر ضد ما يجري في قطاع غزة، على بُعد آلاف الكيلومترات عنهما، فإنه يتعين علينا السماح بالتظاهر في الناصرة، وفي أم الفحم. وكما هو مسموح سماع هتافات "لا للحرب" في وسط لندن، فإنه يمكننا ان نسمعها من 50 متظاهراً في ساحة الناصرة.
  • إذا كانت إسرائيل تتطلع إلى الخروج قويةً بعد الحرب، وليس عسكرياً فقط، بل على صعيد القيم، يتعين على حراس البوابة أن يدركوا أن حرية التعبير والإعراب عن موقف مشروع هو دليل على قوة الديمقراطية. وإذا كانت إسرائيل لا تزال تريد التصرف كدولة ديمقراطية، على الرغم من الألم والفقد، ولا تريد أن تكون أسيرة الكهانيين، فإن الصوت العالي ضد الحرب يجب أن يكون صوتاً مسموعاً، ويجب عدم قمعه.
 

المزيد ضمن العدد