6 أسباب تفرض على إسرائيل عدم قبول وقف إطلاق النار
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • بعد مرور ساعة على قرار وقف إطلاق النار الذي بادر إليه الأمين العام للأمم المتحدة، انطلق "مخربون" من فوهة نفق يقع بالقرب من مدينة رفح، وقتلوا قائد دورية غفعاتي الرائد بنايا سارئيل والملازم هدار غولدن والرقيب ليئيل غدعوني. جرى ذلك في 1 آب/أغسطس 2014، خلال حملة "الجرف الصامد". لقد وافقت إسرائيل في الليلة التي سبقت ذلك على هدنة إنسانية، وأدرك "المخربون" أن هذه هي فرصتهم. فهاجموا المقاتلين من مسافة أمتار قليلة، وخطفوا جثة غولدن، وأنزلوها عبر الفوهة إلى النفق، وخلال دقائق معدودة كانوا في مكان آمن. وحتى الآن، لم تتم استعادة جثته.
  • في ذلك اليوم، كنت على مشارف خان يونس، مع قوة مقاتلة أُخرى كانت هي أيضاً خارج المكامن، لأن وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في تمام الساعة 08:00 صباحاً، لكننا سمعنا خبر المعركة عبر أجهزة الاتصال، في الساعة 09:30، وبعد نحو 10 دقائق، بدأت المدفعيات بالهدير. هذه الحادثة تمثل بصورة ممتازة سبب إصرار القيادتين السياسية والعسكرية في إسرائيل على معارضة وقف إطلاق النار، استجابةً لمطالب المجتمع الدولي، لدواعٍ يُدّعى أنها إنسانية، في حرب "السيوف الحديدية"، كما يوضح الأمر سبب اهتمام "حماس" بتحقيق هذه الهدنة إلى حد كبير. إن وقف إطلاق النار، الذي يُدّعى أنه إنساني، يضرّ بصورة كبيرة بمسألة المختطفين والجهد الحربي الإسرائيلي لاستعادتهم، في حين أن مقاتلي "حماس" القابعين في الأنفاق، هم بحاجة إليها كما أنهم بحاجة إلى هواء للتنفس، حرفياً. ويمكن لـ"حماس"، من خلال مثل هذه الهدنة، تحسين وضعها بصورة ملحوظة، تحضيراً لاستئناف الأعمال القتالية.
  • يمكن لإسرائيل الموافقة على "مهلة" إنسانية لا تتعدى 4 أو 5 ساعات كحد أقصى. هذا هو الوقت المطلوب للسماح للسكان المدنيين في القطاع، غير الضالعين في الأعمال القتالية، وغير المتورطين في الحرب، بالحصول على المساعدات الإنسانية اللازمة لكي تتحسن أحوال المهجّرين والجرحى والمرضى. إن قطاع غزة هو منطقة صغيرة، بل إن مَن يتحرك على قدميه من الشمال إلى مناطق اللجوء في الجنوب، يمكنه ذلك خلال أربع ساعات أو أقل. ليس هناك حاجة إلى وقت أكثر من ذلك أيضاً للشاحنات التي تنوء تحت حمل الأغذية والمياه والأدوية، والتي تنطلق من رفح إلى مستشفى الشفاء الواقع على مداخل جباليا في شمال القطاع.
  • مهما تكن الزاوية التي ننظر منها إلى هذه المسألة، فإننا سندرك سبب إصرار حركة "حماس" على إعلان "وقف إطلاق نار" ليومين أو ثلاثة. فمثل وقف إطلاق النار هذا سيوفر لها مزايا هائلة، من دون أن تضطر تقريباً إلى تقديم أي مقابل، باستثناء بضعة مختطفين فرادى من حمَلة الجنسيات الأجنبية أو المزدوجة، من أصل المختطفين والرهائن البالغ عددهم نحو 240. فيما يلي 6 أسباب يحظر على إسرائيل الموافقة، بموجبها، على وقف إطلاق نار:
  1. من الناحية اللوجستية، سيحصل مقاتلو "حماس" وقيادتها القابعون في الأنفاق تقريباً على كل ما يحتاجون إليه لكي يجددوا مخزونهم تحت الأرض. يمكنهم أن يخرجوا من الأنفاق وينهبوا مرافق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، ومخازن الوقود والغذاء في القطاع، وهكذا، يمكنهم أن يطيلوا قدرتهم على البقاء تحت الأرض.
  2. سيتيح وقف إطلاق النار إعادة مدّ خطوط الاتصال التي تم التشويش عليها بين المرافق المختلفة التابعة لحركة "حماس"، فوق الأرض وتحتها. تمر عبر الأنفاق خطوط اتصالات كثيرة تتيح للقيادة إصدار الأوامر للجيوب التي لا تزال تقاتل. إن وقف إطلاق النار سيتيح إعادة إصلاح هذه الخطوط، وربما شق ممرات جديدة عبر الأنفاق، تم سدها، إما نتيجة قصف سلاح الجو، أو بفعل نشاط الجيش الإسرائيلي على الأرض.
  3. من ناحية عملياتية، سيتيح وقف إطلاق النار لحركة "حماس" إعادة الاستعداد والتسليح، تحضيراً لاستمرار الحرب. مثلاً، يمكن "للمخربين" أن يعيدوا تلقيم منصات الصواريخ القريبة من المناطق التي تخاض فيها الأعمال القتالية. لقد فرغت هذه المنصات بعد إطلاق الصواريخ أو قذائف الهاون منها، ووقف الأعمال القتالية سيتيح إمكان الوصول إليها. المغزى من ذلك يتمثل في أن وقف إطلاق النار، الذي قد يستمر عدة أيام، سيتيح تكثيف إطلاق الصواريخ في اتجاه إسرائيل.
  4. يمكن لحركة "حماس" أيضاً أن تعيد تنظيم قواتها، وأن تزود المواقع المعزولة والمحاصرة بالإمدادات. إن شبكة الأنفاق القتالية التابعة للحركة غير متصلة، وحتى تلك الأجزاء المتصلة منها، فقد ضُربت وتقطّعت بواسطة القصف الذي نفّذه سلاح الجو. لهذا السبب، لاقى "المخربون"، على مدار الأيام الماضية، مصاعب في التنقل، وإمداد القطاعات التي وصل الجيش الإسرائيلي إليها. إن وقف إطلاق النار سيتيح "للمخربين" الصعود فوق الأرض، أو شق مداخل جديدة بين الأنفاق، ونقل القوات، والصواريخ المضادة للدروع، والقذائف المتفجرة.
  5. كما رأينا في حملة "الجرف الصامد"، فإن وقف إطلاق النار من ناحية حركة "حماس" لا يعدو كونه مجرد شعار كلامي لا تلتزم به، في حين أن الجيش الإسرائيلي يلتزم به. ولذا، فمن المعقول الاعتقاد أن مقاتلي "حماس" سينطلقون في هذه المرة أيضاً من فوهات الأنفاق، لكي يشتبكوا مع الجنود الموجودين على مقربة منهم. وذلك لعدة أهداف، من ضمنها أن بعضهم لا يعرف أنه اتُّخذ قرار وقف إطلاق النار بسبب انقطاع اتصالهم بالقيادة، أو بكل بساطة، لأنهم لا ينصاعون لقرارات وقف إطلاق النار.
  6. لكن التداعي الأبعد هو الناجم عن الإضرار بفرصة تحرير المختطفين. إن وقف إطلاق نار يستمر بضعة أيام، سيتيح لحركة "حماس" نقل هؤلاء المختطفين من مكان إلى آخر، وهو ما يؤدي إلى تشويش الصورة الاستخباراتية الإسرائيلية، وإحباط إمكان تحريرهم بعملية عسكرية. وإلى جانب ذلك، فإن مثل هذه المهلة سيتيح لحركة "حماس" تجميع المختطفين الموجودين في قبضة جهات أُخرى في القطاع، ليكون في استطاعتها، تعزيز موقفها التفاوضي.
  • خلاصة القول هنا، لا لُبس فيها: ليس أمام إسرائيل ما تكسبه من وقف إطلاق النار، باستثناء حصولها على بضع نقاط لمصلحتها في أوساط الرأي العام الدولي، وهي نقاط تتلاشى بسرعة، كما تعلّمنا من تجارب الماضي...
  • يمكن لإسرائيل أن تسمح، كحد أقصى، بهدنات إنسانية تمتد إلى بضع ساعات، بشرط أن تكون في ساعات النهار فقط. سيشكل هذا الأمر استجابة لمطالب إدارة بايدن والمجتمع الدولي بشأن تقديم المساعدات الإنسانية للسكان غير الضالعين في الأعمال القتالية.
 

المزيد ضمن العدد