على الرغم من إنجازات الجيش الإسرائيلي، فإن "حماس" لا تزال بعيدة عن الانهيار
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • الشتاء والأمطار يقتربان من بوابات غزة. في هذه المرحلة، تتقدم 3 فرق من الجيش الإسرائيلي، 162، و252، و36، وكل واحدة في الاتجاه المرسوم لها، بحسب الخطة الموضوعة، لقد تمكن الجيش الإسرائيلي من اختراق كل خطوط دفاع "حماس"، ووصل إلى قلب المنطقة الأمنية في مدينة غزة.
  • خلال الأسبوع الماضي، نجح الجيش في التقدم إلى داخل مدينة مكتظة ومعقدة جداً على صعيد القتال، بصورة تخطت تقديرات الخطط العملانية للفرق، ولقيادة المنطقة الجنوبية. كما تجاوزت وتيرة تقدُّم القوات التقديرات، وكان من المنتظر أن يكون عدد القتلى أكبر كثيراً في هذا النوع من القتال. وحتى الآن، يُظهر الجيش قدرة مدهشة، ولدى المقاتلين والقادة، سواء في الجيش النظامي أم في الاحتياط، حوافز كبيرة على القتال والانتصار.
  • ومع ذلك، فإن الألوية في الجيش النظامي، وفي الاحتياط، لا تزال بعيدة عن إخضاع "حماس" ودفعها إلى الاستسلام، لكنها أثبتت للمشككين، من دون أدنى شك، وبعد الإخفاقات الخطِرة والمؤلمة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر أن سلاح البر كفوء وفعال، وقادر على المناورة في منطقة معقدة.
  • إن موازين القوى بين الجيش الإسرائيلي وبين جيش "حماس الإرهابي" ليست مجالاً للتساؤل، لكن يجب أن نتذكر أن المقصود هو نوع من الحرب، قام العدو خلال عقدين من الزمن بتوسيع إمكاناته إلى الحد الأقصى من أجل موازنة قدرات جيش حديث وغربي.
  • طوال سنوات، اضطر الجيش الإسرائيلي إلى تقييد استخدام قوته في مواجهة عدو يستخدم المدنيين كدروع بشرية لكبار مسؤوليه، ولقيادته، ولمخازن صواريخه وسلاحه، وهو يطلق النار، قصداً، ضد التجمعات السكانية، ويستغل، بعمق، كون إسرائيل دولة ديمقراطية غربية تتصرف وفق القوانين الدولية.
  • وحتى الآن، وبعد أن خلعنا القفازات في الحرب الحالية، ليس هناك جيوش غربية كثيرة تُعتبر من الأفضل في العالم، كانت ستنجح في مواجهة حرب غير متوازية بين جيش عصري، وبين جيش "إرهابي"، كما نجح الجيش الإسرائيلي في مناورته البرية في الأسبوعين الأولين، سواء في تقدّمه، أو في حجم إصاباته.
  • ويجب أن نضيف إلى التهديدات من فوق الأرض، مدينة "الإرهاب" تحت الأرض، والتي تشكل تهديدات عسكرية في قلب منطقة هي من أكثر المناطق كثافةً سكانيةً في العالم، وهو ما يجعل الحرب في غزة حرباً غير مسبوقة.
  • كما تجدر الإشارة إلى أن سلاح الجو في الحرب ليس عاملاً مساعداً، بل عملياً، هو يشكل جزءاً لا يتجزأ من المناورة البرية. وفي الميدان، يجري كسر العديد من القيود وأساليب العمل القديمة، وهو ما يثير اهتمام كبار المسؤولين في جيوش العالم ويدفعهم إلى تعلّم الدروس من الحرب الدائرة في غزة.
  • ... مع ذلك، يجب أن نعترف بأن حجم تهديد الأنفاق والمدينة تحت الأرض في غزة فاجأت الجيش الإسرائيلي. ذلك بأنه بعد عملية "حارس الأسوار"، اعتقد كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي أنه بعد مهاجمة مترو أنفاق "حماس"، ستتخوف الحركة من استخدام الأنفاق في المستقبل، ويبدو أنهم أخطأوا في تقدير حجم الضرر الذي تسبب به القصف الجوي للأنفاق، والأهمية الاستراتيجية والعملانية التي أُعطيت لنتائج العملية التي تبين لاحقاً أنها تكاد لا تُذكر.
  • إن استخدام " المخربين" فتحات الأنفاق من أجل إطلاق القذائف المضادة للدبابات، هو التهديد المركزي.  في هذه الحرب أيضاً، سقط قسم من القتلى نتيجة تبادُل إطلاق النار، ويحاول الجيش الإسرائيلي التعلم من هذه الحوادث واستخلاص الدروس وتوزيعها على القوات. لكن "حماس" أيضاً تتعلم.
  • وبينما يقوم الجيش بترسيخ سيطرته على مزيد من أراضي القطاع، وبفتح محور لوجستي مريح وآمن على الخط الساحلي من أجل إدخال السلاح والإمدادات، يجب أن نتذكر أن هذه الأوقات خطِرة للغاية. فحركة "حماس" الموجودة تحت الأرض تريد تحقيق إنجازات على صعيد الوعي، حتى بعد اختراق خطوط دفاعاتها العليا، من خلال شن حرب عصابات ضد قواتنا العسكرية، بدءاً من شحنات الإمدادات التي تدخل إلى القطاع، وصولاً إلى المقاتلين في الميدان. ويتعين على الجيش أن يكون مستعداً لمواجهة هجمات كبيرة ومُحكمة، بعد أن خلعت الذراع العسكرية للحركة زيّها العسكري، واستبدلته بالزي المدني في الأماكن التي توجد فيها تجمعات سكانية.
  • ثمة مشكلة أُخرى تتطور على الأرض، ويمكن أن تضيّع وقتاً ثميناً لإسرائيل، هي التي تتعلق بالمستشفيات. في الجيش الإسرائيلي يعتقدون أن محاصرة المستشفيات، وبينها مستشفى الشفاء، ممكنة، لكن مقارنةً بالأهداف الأُخرى لـ"حماس" التي تتطلب حلاً عسكرياً فقط، تبدو مسألة المستشفيات أكثر تعقيداً. وهناك حاجة إلى المجتمع الدولي لتقديم حلول وإجلاء الجرحى والمرضى الذين تريد "حماس" الاحتفاظ بهم كرصيد، وكحزام أمان بشري للأرصدة العسكرية الموجودة تحت الأرض.
  • في أي حال، حتى الآن، مسألة إجلاء الجرحى عن مستشفى الشفاء ومستشفيات أُخرى لم تنتهِ، وتحاول "حماس" تأخير إجلاء الجرحى والمرضى من أجل زيادة الضغط الدولي على إسرائيل، وربما دفع حزب الله إلى رفع وتيرة إطلاق صواريخه، وصولاً إلى تصعيد كبير في الشمال...

الجبهة الشمالية

  • توقعت "حماٍس" انضمام حزب الله إلى الحرب بصورة كاملة ضد إسرائيل، بعد أن تبين له حجم الإنجاز الذي حققته في خط المواقع العسكرية والمستوطنات في "غلاف غزة". و"حماس" التي لم تخبر شركاءها في المحور بقرارها خوض حرب ضد إسرائيل، توقعت أن يرى حزب الله في نجاحاتها فرصة للانضمام إلى المعركة من الشمال وإخضاع إسرائيل. عملياً، تصرّف حزب الله حيال "حماس" كما تصرّفت الحركة حيال الجهاد الإسلامي حين تركته، سابقاً، يواجه الجيش الإسرائيلي في غزة وحيداً.
  • صحيح أنه من حيث المقارنة، لم يختَر حزب الله عدم المشاركة، لكنه يشارك بصورة محدودة، على الرغم من أنه سقط له أكثر من 70 قتيلاً حتى الآن (أغلبيتهم من المجموعة المضادة للدبابات). بينما تكبدت التنظيمات الفلسطينية الأُخرى التي تعمل تحت حماية الحزب أكثر من 20 قتيلاً، في الأساس خلال عمليات تسلُّل إلى الأراضي الإسرائيلية وإطلاق صواريخ.
  • هذا لا يعني أن الحرب لا يمكن أن تندلع في الشمال. عملياً، يمكننا أن نرى من أسبوع إلى آخر، بوضوح، التصعيد التدريجي في حجم المواجهات العسكرية على الحدود اللبنانية، والتي يمكن أن تزادد كلما تواصل القتال في قطاع غزة.
 

المزيد ضمن العدد