كل الأنظار تتوجه إلى الشمال
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- حرب إسرائيل ضد "حماس" لا تزال مستمرة منذ أكثر من 100 يوم، وكفة إسرائيل هي الراجحة. لقد كان الجمهور الواسع ينتظر حسماً سريعاً وصورة انتصار واضحة، لكن الجيش اختار مسبقاً، وهو محق إلى حد كبير، أسلوب عمل حذر ومدروس للحؤول دون وقوع إصابات في صفوف قواتنا، وأيضاً لعدم إلحاق الأذى بالرهائن الذين تحتفظ بهم "حماس".
- وفي أي حال، النتيجة مُرضية لأن "حماس"، كقوة مقاتلة وقيادات ومراكز وقواعد تدريب ومخازن سلاح، لم تعد موجودة في شمال قطاع غزة. لا يزال هناك "مخربون" أفراد وخلايا "إرهابية" تعمل في الميدان، تماماً كما تعمل في جنين ونابلس والخليل. لكن جيش "حماس الإرهابي" لم يعد يشكل تهديداً في هذه المناطق.
- بعد شمال القطاع، يأتي في هذه الأيام دور وسط القطاع، مدينة خانيونس وضواحيها، وفي المستقبل، وعدنا قادة الجيش الإسرائيلي بأنهم سيعملون في الأراضي الباقية في جنوب قطاع غزة.
- كما قلنا سابقاً، هذه الحرب طويلة، وتتطلب منا نفَساً طويلاً وقدرة على التحمل. عملية "السور الواقي" (2002) التي أعادت الضفة الغربية إلى السيطرة الأمنية الإسرائيلية، تطلبت شهوراً كثيرة، وحتى سنوات، من أجل القضاء على كل البنى التحتية "الإرهابية" التي أقيمت، وعملت في الميدان سنوات بعد اتفاق أوسلو.
- وفي الواقع، إن محاربة "الإرهاب" في الضفة الغربية مستمرة في هذه الأيام والساعات، وكلما يجري القضاء على "مخرب"، ينمو مكانه "مخرب" جديد. لكن المقصود تهديد تكتيكي، وليس التهديد الذي شكّله حُكم "حماس" في القطاع، والذي شهدناه جميعنا في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
- وبحسب قادة الجيش الإسرائيلي، انتقل القتال في قطاع غزة من مرحلة القتال العنيف الذي هدفه إخضاع "حماس"، إلى مرحلة القتال المنهجي والبطيء الذي يهدف إلى منع الحركة من التعافي وتدمير أنفاق "الإرهاب" وخلايا "حماس" التي لا تزال منتشرة في الميدان.
- يتقدم الجيش الإسرائيلي نحو تحقيق أهدافه ببطء، لكن بصورة أكيدة، وكل ما بقي أن يمنحه المستوى السياسي الفرصة لاستكمال المهمة.
- يجب الإشارة إلى أن الضغط العسكري الذي يمارَس على "حماس" يدفعها إلى الدخول في مفاوضات مع إسرائيل لإعادة المخطوفين. وفي الواقع، هذا تحدٍّ جوهري تواجهه إسرائيل في الساحة الجنوبية اليوم، لأنه من دون إعادتهم، لن يكون انتصارنا في الحرب كاملاً.
- لكن الوضع الناشىء على حدودنا الشمالية، لا يمكن أن يستمر طويلاً. عشرات الآلاف من الإسرائيليين أخلوا منازلهم على طول الحدود، وواجب الحكومة الإسرائيلية إعادتهم إليها. بالإضافة إلى ذلك، صحيح أن ألسنة اللهب في الشمال على نار خفيفة، لكن يمكن أن تشتعل وتتمدد، ولو كان الذين يلعبون بالنار من الجانب اللبناني لا يريدون ذلك.
- لقد أوضحت إسرائيل، مراراً وتكراراً، أن صبرها نفذ، ويجب تغيير الواقع على طول الحدود، إذا لم يحدث هذا بالوسائل السلمية، فلا مفر من خوض حرب حقيقية وشاملة من أجل ذلك.
- من المهم التذكير بأن كبار المسؤولين الإسرائيليين امتنعوا في هذه المرحلة من الإعلان أن هدفهم هو القضاء على حزب الله وتدمير قدراته العسكرية، كما جرى مع "حماس" في غزة. كل ما تطالب به إسرائيل هو إبعاد الحزب عن الحدود وتطبيق القرار 1701 الصادر عن الأمم المتحدة، والذي أنهى حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]، وأنها تريد انتشار الجيش اللبناني في الجنوب اللبناني.
- وعلى ما يبدو، أعطت إسرائيل فرنسا والولايات المتحدة ضوءاً أخضر من أجل إجراء مفاوضات مع الحكومة اللبنانية، تؤدي إلى حل جزء من الخلافات بين إسرائيل ولبنان بشأن ترسيم الحدود البرية، كخطوة تؤدي إلى عدم بقاء ذرائع لدى حزب الله تبرر بقاءه على الحدود.
- لكن حزب الله غير مستعد لوقف إطلاق النار ما دامت الحرب في غزة مستمرة، وهذه الحرب يمكن أن تستمر وقتاً طويلاً. وحتى لو تم إعلان وقف إطلاق النار في غزة، ليس مؤكداً أن الحزب سيوافق على سحب قواته من الحدود مع إسرائيل.
- معضلة إسرائيل واضحة. لا يمكن استمرار الوضع الحالي وقتاً طويلاً، وكذلك تحمُّل واحتواء هجمات حزب الله. وفي أي حال، قد يخرج الوضع عن السيطرة لأن إسرائيل تردّ، ولو بصورة منخفضة، وتهاجم عناصر حزب الله ووكلاء إيران، والنار يمكن أن تخرج عن السيطرة.
- إذا لم يعد حزب الله إلى رشده، فإن اشتعال الحدود الشمالية هو مسألة وقت. ويبدو أن العد العسكري بدأ، وكل ما تبقى هو الاستعداد لنشوء واقع مشابه لما جرى في غزة، وضرب العدو بقوة، ومحاولة إجراء تغيير جذري للواقع الأمني الذي نعيش في ظله على الحدود مع لبنان منذ أعوام.